على ما كانت عليه لم يزلها عن ترتيبها تغيير المشركين لأسمائها، وتقديم المقدم في الاسم منها.
والمقصود من ذلك اتباع أمر الله فيها ورفض ما كان عليه أهل الجاهلية من تأخير أسماء الشهور وتقديمها، وتعليق الاحكام على الأسماء التي رتبوها عليه، ولذلك قال عليه السلام في خطبته في حجة الوداع: (أيها الناس إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض) على ما يأتي بيانه. وأن الذي فعل أهل الجاهلية من جعل المحرم صفرا وصفر محرما ليس يتغير به ما وصفه الله تعالى. والعامل في " يوم " المصدر الذي هو " في كتاب الله " وليس يعنى به واحد الكتب، لان الا عيان لا تعمل في الظروف. والتقدير: فيما كتب الله يوم خلق السماوات والأرض. و " عند " متعلق بالمصدر الذي هو العدة، وهو العامل فيه.
و " في " من قوله: " في كتاب الله " متعلقة بمحذوف، هو صفة لقوله: " أثنا عشر ".
والتقدير: اثنا عشر شهرا معدودة أو مكتوبة في كتاب الله. ولا يجوز أن تتعلق بعدة لما فيه من التفرقة بين الصلة والموصول بخبر إن.
الثالثة - هذه الآية تدل على أن الواجب تعليق الاحكام من العبادات وغيرها إنما يكون بالشهور والسنين التي تعرفها العرب، دون الشهور التي تعتبرها العجم والروم والقبط وإن لم تزد على اثني عشر شهرا، لأنها مختلفة الاعداد، منها ما يزيد على ثلاثين ومنها ما ينقص، وشهور العرب لا تزيد على ثلاثين وإن كان منها ما ينقص، والذي ينقص ليس يتعين له شهر، وإنما تفاوتها في النقصان والتمام على حسب اختلاف سير القمر في البروج.
الرابعة - قوله تعالى: (منها أربعة حرم) الأشهر الحرم المذكورة في هذه الآية ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب الذي بين جمادى الآخرة وشعبان، وهو رجب مضر، وقيل له رجب مضر لان ربيعة بن نزار كانوا يحرمون شهر رمضان ويسمونه رجبا. وكانت مضر تحرم رجبا نفسه، فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه: (الذي بين جمادى وشعبان) ورفع ما وقع في اسمه من الاختلال بالبيان. وكانت العرب أيضا تسميه منصل الأسنة (1)،