السابعة - قوله تعالى: " ولا تقربا هذه الشجرة " أي لا تقرباها بأكل، لان الإباحة (1) فيه وقعت. قال ابن العربي: سمعت الشاشي في مجلس النضر [بن شميل] (2) يقول:
إذا قيل لا تقرب (بفتح الراء) كان معناه لا تلبس بالفعل، وإذا كان (بضم الراء) فإن معناه لا تدن منه. وفي الصحاح: قرب الشئ يقرب قربا أي دنا. وقربته (بالكسر) أقربه قربانا أي دنوت منه. وقربت أقرب قرابة - مثل كتبت أكتب كتابة - إذا سرت إلى الماء وبينك وبينه ليلة، والاسم القرب. قال الأصمعي: قلت لاعرابي: ما القرب؟ فقال: سير الليل لورد الغد. وقال ابن عطية: قال بعض الحذاق: إن الله تعالى لما أراد النهي عن أكل الشجرة نهى عنه بلفظ يقتضي الاكل وما يدعو إليه العرب وهو القرب. قال ابن عطية:
وهذا مثال بين في سد الذرائع. وقال بعض أرباب المعاني قوله: " ولا تقربا " إشعار بالوقوع في الخطيئة والخروج من الجنة، وأن سكناه فيها لا يدوم، لان المخلد لا يحظر عليه شئ ولا يؤمر ولا ينهى. والدليل على هذا قوله تعالى " إني جاعل في الأرض خليفة " [البقرة: 30] فدل على خروجه منها.
الثامنة - قوله تعالى: " هذه الشجرة " الاسم المبهم ينعت بما فيه الألف واللام لا غير، كقولك: مررت بهذا الرجل وبهذه المرأة وهذه الشجرة. وقرأ ابن محيصن:
" هذي الشجرة " بالياء وهو الأصل، لان الهاء في هذه بدل من ياء ولذلك انكسر ما قبلها، وليس في الكلام هاء تأنيث قبلها كسرة سواها، وذلك لان أصلها الياء.