التغطية على الشئ والاستيثاق منه حتى لا يدخله شئ، ومنه: ختم الكتاب والباب وما يشبه ذلك، حتى لا يوصل إلى ما فيه، ولا يوضع فيه غير ما فيه.
وقال أهل المعاني: وصف الله تعالى قلوب الكفار بعشرة أوصاف: بالختم والطبع والضيق والمرض والرين والموت والقساوة والانصراف والحمية والانكار. فقال في الانكار:
" قلوبهم منكرة وهم مستكبرون (1) " [النحل: 22]. وقال في الحمية: " إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم (2) الحمية ". [الفتح: 26] وقال في الانصراف: " ثم انصرفوا صرف (3) الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون " [التوبة: 127].
وقال في القساوة: " فويل للقاسية (4) قلوبهم من ذكر الله " [الزمر: 22]. وقال: " ثم قست قلوبكم (5) من بعد ذلك " [البقرة: 74]. وقال في الموت: " أو من كان (6) ميتا فأحييناه " [الانعام: 122]. وقال: " إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى (7) يبعثهم الله " [الانعام: 36]. وقال في الرين: " كلا بل ران (8) على قلوبهم ما كانوا يكسبون ". [المطففين: 14]. وقال في المرض: " في قلوبهم مرض ". [محمد: 29] وقال في الضيق: " ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا (9) حرجا ". [الانعام: 125]. وقال في الطبع: " فطبع على قلوبهم (10) فهم لا يفقهون " [المنافقون: 3].
وقال: " بل طبع الله عليها بكفرهم (11) " [النساء: 155]. وقال في الختم: " ختم الله على قلوبهم ". [البقرة: 7]. وسيأتي بيانها كلها في مواضعها إن شاء الله تعالى.
الثانية - الختم يكون محسوسا كما بينا، ومعنى كما في هذه الآية. فالختم على القلوب:
عدم الوعي عن الحق - سبحانه - مفهوم مخاطباته والفكر في آياته. وعلى السمع: عدم فهمهم للقرآن إذا تلي عليهم أو دعوا إلى وحدانيته. وعلى الابصار: عدم هدايتها للنظر في مخلوقاته وعجائب مصنوعاته، هذا معنى قول ابن عباس وابن مسعود وقتادة وغيرهم.
الثالثة - في هذه الآية أدل دليل وأوضح سبيل على أن الله سبحانه خالق الهدى والضلال، والكفر والايمان، فاعتبروا أيها السامعون، وتعجبوا أيها المفكرون من عقول القدرية القائلين بخلق إيمانهم وهداهم، فإن الختم هو الطبع فمن أين لهم الايمان ولو جهدوا،