وقوله: " ونفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون " ضمير " فيه " للصور، و " أخرى " صفة محذوف موصوفها أي نفخة أخرى، وقيام جمع قائم و " ينظرون " أي ينتظرون أو من النظر بمعناه المعروف.
والمعنى: ونفخ في الصور نفخة أخرى فإذا هم قائمون من قبورهم ينتظرون ما يؤمرون أو ينتظرون ماذا يفعل بهم أو فإذا هم قائمون ينظرون نظر المبهوت المتحير.
ولا ينافي ما في هذه الآية من كونهم بعد النفخ قياما ينظرون ما في قوله: " ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون " يس: 51 أي يسرعون، وقوله: " يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا " النبأ: 18، وقوله: " ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض " النمل: 87 فإن فزعهم بالنفخ وإسراعهم في المشي إلى عرصة المحشر وإتيانهم إليها أفواجا كقيامهم ينظرون حوادث متقارنة لا يدفع بعضها بعضا.
قوله تعالى: " وأشرقت الأرض بنور ربها " إلى آخر الآية إشراق الأرض إضاءتها، والنور معروف المعنى وقد استعمل النور في كلامه تعالى في النور الحسي كثيرا وأطلق أيضا على الايمان وعلى القرآن بعناية أن كلا منهما يظهر للمتلبس به ما خفي عليه لولاه قال تعالى: " الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور " البقرة: 257، وقال: " فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا " التغابن: 8.
وقد اختلفوا في معنى إشراق الأرض بنور ربها فقيل: إنها تضئ بنور يخلقه الله بلا واسطة أجسام مضيئة كالشمس والقمر وإضافته إليه تعالى من قبيل " روحي " و " ناقة الله ".
وفيه أنه لا يستند إلى دليل يعتمد عليه.
وقيل: المراد به تجلي الرب تعالى لفصل القضاء كما ورد في بعض الاخبار من طرق أهل السنة.
وفيه أنه على تقدير صحة الرواية لا يدل على المدعي.
وقيل: المراد به إضاءة الأرض بعدل ربها يوم القيامة لان نور الأرض بالعدل كما أن نور العلم بالعمل.