الفرامين والأوامر الإلهية التي يدبر بها العالم، والملائكة هم المجرون لمشيته العاملون بأمره، ورؤية الملائكة على تلك الحال كناية عن ظهور ذلك وقد طويت السماوات.
والمعنى: وترى يومئذ الملائكة والحال أنهم محدقون بالعرش مطيفون به لاجراء الامر الصادر منه وهم يسبحون بحمد ربهم.
وقوله: " وقضى بينهم " احتمل رجوع الضمير إلى الملائكة، ورجوعه إلى الناس والملائكة جميعا، ورجوعه إلى جميع الخلائق، ورجوعه إلى الناس فالقضاء بين أهل الجنة وأهل النار منهم أو بين الأنبياء وأممهم.
ويضعف الاحتمال الأخير أن القضاء بين الناس قد ذكر قبلا في قوله: " وقضى بينهم بالحق وهم لا يظلمون " فذكر القضاء بينهم ثانيا تكرار من غير موجب.
لكن ظاهر القضاء بين جماعة هو الحكم لبعضهم على بعض لوجود اختلاف ما بينهم ولا تحقق للاختلاف بين الملائكة، وهذا يؤيد أن يكون الضمير لغيرهم والقضاء بين الناس غير أن القضاء كما يطلق على نفس حكم الحاكم يصح إطلاقه على مجموع الحكم ومقدماته وتبعاته من حضور المتخاصمين وطرح الدعوى وشهادة الشهود وحكم الحاكم وإيفاء المحق حقه فمن الممكن أن يكون المراد بالقضاء المذكور أولا نفس الحكم الإلهي وبهذا القضاء المذكور ثانيا هو مجموع ما يجري عليهم من حين يبعثون إلى حين دخول أهل النار النار وأهل الجنة الجنة واستقرارهم فيهما وبذلك يندفع إشكال التكرار من غير موجب.
وقوله: " وقيل الحمد لله رب العالمين " كلمة خاتمة للبدء والعود وثناء عام له تعالى أنه لم يفعل ولا يفعل إلا الجميل.
قيل: قائله المتقون وكان حمدهم الأول على دخولهم الجنة والثاني للقضاء بينهم وبين غيرهم بالحق، وقيل: قائله الملائكة ولم ينسب إليهم صريحا لتعظيم أمرهم، وقيل:
القائل جميع الخلائق.
ويؤيد الأول قوله تعالى في صفة أهل الجنة: " وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين " يونس: 10 وهو حمد عام خاتم للخلقة كما سمعت.