تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٧ - الصفحة ٢٩٥
وفيه أن صحة استعارة النور للعدل في نفسه لا تستلزم كون المراد بالنور في الآية هو العدل إلا بدليل يدل عليه ولم يأت به.
وفي الكشاف قد استعار الله عز وجل النور للحق والبرهان في مواضع من التنزيل وهذا من ذاك، والمعنى وأشرقت الأرض بما يقيمه فيها من الحق والعدل ويبسطه من القسط في الحساب ووزن الحسنات والسيئات.
وينادي عليه بأنه مستعار إضافته إلى اسمه لأنه هو الحق العدل، وإضافة اسمه إلى الأرض لأنه يزينها حيث ينشر فيها عدله وينصب فيها موازين قسطه، ويحكم بالحق بين أهلها، ولا ترى أزين للبقاع من العدل ولا أعمر لها منه، وفي هذه الإضافة أن ربها وخالقها هو الذي يعدل فيها وإنما يجور فيها غير ربها، ثم ما عطف على إشراق الأرض من وضع الكتاب والمجئ بالنبيين والشهداء والقضاء بالحق وهو النور المذكور، وترى الناس يقولون للملك العادل: أشرقت الآفاق بعدلك وأضاءت الدنيا بقسطك كما تقول أظلمت البلاد بجور فلان قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الظلم ظلمات يوم القيامة وكما فتح الآية بإثبات العدل ختمها بنفي الظلم. انتهى وفيه أولا: أن قوله إن النور مستعار في مواضع كثيرة من القرآن للحق والقرآن والبرهان فاستعارته للحق والبرهان غير ظاهر في شئ من الآيات.
وثانيا: ان الحق والعدل مفهومان متغايران وإن كانا ربما يتصادقان وكون النور في الآية مستعارا للحق لا يستلزم كون العدل مرادا به، ولذا لما أراد بيان إرادة العدل من النور ذكر الحق مع العدل ثم استنتج للعدل دون الحق.
ولا يبعد أن يراد - والله أعلم - من إشراق الأرض بنور ربها ما هو خاصة يوم القيامة من انكشاف الغطاء وظهور الأشياء بحقائقها وبدو الأعمال من خير أو شر أو طاعة أو معصية أو حق أو باطل للناظرين، وإشراق الشئ هو ظهوره بالنور ولا ريب أن مظهرها يومئذ هو الله سبحانه إذ الأسباب ساقطة دونه فالأشياء مشرقة بنور مكتسب منه تعالى.
وهذا الاشراق وإن كان عاما لكل شئ يسعه النور لكن لما كان الغرض بيان ما للأرض وأهله يومئذ من الشأن خصها بالبيان فقال: " وأشرقت الأرض بنور ربها "
(٢٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة فاطر 5
2 (سورة فاطر 1) كلام في الملائكة. (بحث قرآني) 12
3 (15 - 26) كلام في معنى عموم الانذار. (بحث عقلي) 38
4 سورة يس 61
5 سورة الصافات 119
6 (الصافات 1 - 11) كلام في معنى الشهب. (بحث قرآني) 124
7 (114 - 132) كلام في قصة إلياس عليه السلام. (بحث قرآني وروائي) 159
8 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني وروائي) 159
9 2 - الأحاديث فيه. (بحث قرآني وروائي) 159
10 (133 - 148) كلام في قصة يونس عليه السلام في فصول. (بحث مختلط) 165
11 1 - قصته في القرآن. (بحث مختلط) 165
12 2 - قصته عند أهل الكتاب. (بحث مختلط) 167
13 3 - ثناؤه تعالى عليه. (بحث مختلط) 169
14 سورة ص 180
15 (17 - 29) كلام في قصة داود عليه السلام في فصول. (بحث قرآني) 201
16 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني) 201
17 2 - جميل الثناء عليه. (بحث قرآني) 201
18 3 - حول قصة المتخاصمين. (بحث قرآني) 201
19 (41 - 48) كلام في قصة أيوب عليه السلام في فصول. (بحث قرآني وروائي) 212
20 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني وروائي) 212
21 2 - جميل ثنائه. (بحث قرآني وروائي) 212
22 3 - قصته في الروايات. (بحث قرآني وروائي) 212
23 خبر اليسع وذي الكفل عليهما السلام. (بحث روائي) 216
24 سورة الزمر 230
25 (1 - 10) كلام في معنى الرضا والسخط من الله. (بحث عقلي وقرآني) 240
26 سورة المؤمن 301
27 سورة حم السجدة 357
28 (حم السجدة) كلام فيه تتميم في معنى السماء. (بحث قرآني) 369
29 (1 - 11) بحث إجمالي في سراية العلم. (بحث قرآني) 381
30 (13 - 25) بحث إجمالي آخر في ذلك. (بحث فلسفي) 382