وقوله: " سبحانه وتعالى عما يشركون " تنزيه له تعالى عما أشركوا غيره في ربوبيته وألوهيته فنسبوا تدبير العالم إلى آلهتهم وعبدوها.
قوله تعالى: " ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله " الخ ظاهر ما ورد في كلامه تعالى في معنى نفخ الصور أن النفخ نفختان نفخة للإماتة ونفخة للاحياء، وهو الذي تدل عليه روايات أئمة أهل البيت عليهم السلام وبعض ما ورد من طرق أهل السنة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإن كان بعض آخر من رواياتهم لا يخلو عن إبهام ولذا اختار بعضهم أنها ثلاث نفخات نفخة للإماتة ونفخة للاحياء والبعث ونفخة للفزع والصعق وقال بعضهم: إنها أربع نفخات ولكن دون إثبات ذلك من ظواهر الآيات خرط القتاد.
ولعل انحصار النفخ في نفختي الإماتة والاحياء هو الموجب لتفسيرهم الصعق في النفخة الأولى بالموت مع أن المعروف من معنى الصعق الغشية، قال في الصحاح: يقال:
صعق الرجل صعقا وتصاعقا أي غشي عليه وأصعقه غيره، ثم قال: وقوله تعالى:
" فصعق من في السماوات ومن في الأرض " أي مات. انتهى.
وقوله: " إلا من شاء الله " استثناء من أهل السماوات والأرض واختلف في من هم؟
فقيل: هم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل سادة الملائكة فإنهم إنما يموتون بعد ذلك، وقيل: هم هؤلاء الأربعة وحملة العرش، وقيل: هم رضوان والحور ومالك والزبانية، وقيل: وهو أسخف الأقوال: إن المراد بمن شاء الله هو الله سبحانه. وأنت خبير بأن شيئا من هذه الأقاويل لا يستند إلى دليل من لفظة الآيات يصح الاستناد إليه.
نعم لو تصور لله سبحانه خلق وراء السماوات والأرض جاز استثناؤهم من أهلهما استثناء منقطعا أو قيل: إن الموت إنما يلحق الأجساد بانقطاع تعلق الأرواح بها وأما الأرواح فإنها لا تموت فالأرواح هم المستثنون استثناء متصلا، ويؤيد هذا الوجه بعض (1) الروايات المروية عن أئمة أهل البيت عليهم السلام.