تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٧ - الصفحة ٢٩٠
ولازم ذلك توحده تعالى في الربوبية والألوهية أمر نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يخاطب المشركين المقترحين عليه أن يعبد آلهتهم أنه لا يبقى مع هذه الحجج الباهرة الظاهرة محل لعبادته غير الله وإجابة اقتراحهم وهل هي إلا الجهل.
فقوله: " أفغير الله تأمروني أعبد " الفاء لتفريع مضمون الجملة على قوله: " الله خالق كل شئ " إلى آخر الآيتين، والاستفهام إنكاري، و " غير الله " مفعول " أعبد " قدم عليه لتعلق العناية به، و " تأمروني " معترض بين الفعل ومفعوله وأصله تأمرونني أدغمت فيه إحدى النونين في الأخرى.
وقوله: " أيها الجاهلون " خطابهم بصفة الجهل للإشارة إلى أن أمرهم إياه بعبادة غير الله واقتراحهم بذلك مع ظهور آيات وحدته في الربوبية والألوهية ليس إلا جهلا منهم.
قوله تعالى: " ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك " الخ فيه تأييد لمدلول الحجج العقلية المذكورة بالوحي كأنه قيل: لا تعبد غير الله فإنه جهل وكيف يسوغ لك أن تعبده وقد دل الوحي على النهي عنه كما دل العقل على ذلك.
فقوله: " ولقد أوحي إليك " اللام للقسم، وقوله: " لئن أشركت ليحبطن عملك " بيان لما أوحي إليه، وتقدير الكلام وأقسم لقد أوحي إليك لئن أشركت " الخ " وإلى الذين من قبلك من الأنبياء والرسل لئن أشركتم ليحبطن عملكم ولتكونن من الخاسرين.
وخطاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسائر الأنبياء عليه السلام بالنهي عن الشرك وإنذارهم بحبط العمل والدخول في زمرة الخاسرين خطاب وإنذار على حقيقة معناهما كيف؟ وغرض السورة - كما تقدمت الإشارة إليه - بيان أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مأمور بالايمان بما يدعو المشركين إلى الايمان به مكلف بما يكلفهم ولا يسعه أن يجيبهم إلى ما يقترحون به عليه من عبادة آلهتهم.
وأما كون الأنبياء معصومين بعصمة إلهية يمتنع معها صدور المعصية عنهم فلا يوجب ذلك سقوط التكليف عنهم وعدم صحة توجهه إليهم ولو كان كذلك لم تتصور في حقهم معصية كسائر من لا تكليف عليه فلم يكن معنى لعصمتهم.
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة فاطر 5
2 (سورة فاطر 1) كلام في الملائكة. (بحث قرآني) 12
3 (15 - 26) كلام في معنى عموم الانذار. (بحث عقلي) 38
4 سورة يس 61
5 سورة الصافات 119
6 (الصافات 1 - 11) كلام في معنى الشهب. (بحث قرآني) 124
7 (114 - 132) كلام في قصة إلياس عليه السلام. (بحث قرآني وروائي) 159
8 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني وروائي) 159
9 2 - الأحاديث فيه. (بحث قرآني وروائي) 159
10 (133 - 148) كلام في قصة يونس عليه السلام في فصول. (بحث مختلط) 165
11 1 - قصته في القرآن. (بحث مختلط) 165
12 2 - قصته عند أهل الكتاب. (بحث مختلط) 167
13 3 - ثناؤه تعالى عليه. (بحث مختلط) 169
14 سورة ص 180
15 (17 - 29) كلام في قصة داود عليه السلام في فصول. (بحث قرآني) 201
16 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني) 201
17 2 - جميل الثناء عليه. (بحث قرآني) 201
18 3 - حول قصة المتخاصمين. (بحث قرآني) 201
19 (41 - 48) كلام في قصة أيوب عليه السلام في فصول. (بحث قرآني وروائي) 212
20 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني وروائي) 212
21 2 - جميل ثنائه. (بحث قرآني وروائي) 212
22 3 - قصته في الروايات. (بحث قرآني وروائي) 212
23 خبر اليسع وذي الكفل عليهما السلام. (بحث روائي) 216
24 سورة الزمر 230
25 (1 - 10) كلام في معنى الرضا والسخط من الله. (بحث عقلي وقرآني) 240
26 سورة المؤمن 301
27 سورة حم السجدة 357
28 (حم السجدة) كلام فيه تتميم في معنى السماء. (بحث قرآني) 369
29 (1 - 11) بحث إجمالي في سراية العلم. (بحث قرآني) 381
30 (13 - 25) بحث إجمالي آخر في ذلك. (بحث فلسفي) 382