وذكره تعالى بعنوان ربوبية الأرض تعريضا للمشركين المنكرين لربوبيته تعالى للأرض وما فيها.
والمراد بالأرض مع ذلك الأرض وما فيها وما يتعلق بها كما تقدم أن المراد بالأرض في قوله: " والأرض جميعا قبضته " ذلك.
ويستفاد ما قدمناه من مواضع كثيرة من كلامه تعالى كقوله تعالى: " لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد " ق: 22 وقوله: " يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء " آل عمران: 30، وقوله:
" يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " الزلزال: 8 وآيات أخرى كثيرة تدل على ظهور الأعمال وتجسمها وشهادة الأعضاء وغير ذلك.
وقوله: " ووضع الكتاب " قيل: المراد به الحساب وهو كما ترى وقيل: المراد به صحائف الأعمال التي يحاسب عليها ويقضى بها، وقيل: المراد به اللوح المحفوظ ويؤيده قوله تعالى: " هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون " الجاثية: 29.
وقوله: " وجئ بالنبيين والشهداء " أما النبيون فليسألوا عن أداء رسالتهم كما يشعر به السياق قال تعالى: " فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين " الأعراف:
6، وأما الشهداء وهم شهداء الأعمال فليؤدوا ما تحملوه من الشهادة قال تعالى: " فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا " النساء: 41.
وقوله: " وقضى بينهم بالحق وهم لا يظلمون " ضميرا الجمع للناس المعلوم من السياق، والقضاء بينهم هو القضاء فيما اختلفوا فيه الوارد كرارا في كلامه تعالى قال:
" إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون " يونس: 93.
قوله تعالى: " ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون " التوفية الاعطاء بالتمام وقد علقت بنفس ما عملت دون جزائه ويقطع ذلك الريب في كونه قسطا وعدلا من أصله والآية بمنزلة البيان لقوله: " وهم لا يظلمون ".