وإخلاص الدين له يرض الشكر لكم وأنتم عباده، والشكر والكفر المقابل له ينطبقان على الايمان والكفر المقابل له.
ومما تقدم يظهر أن العباد في قوله: " ولا يرضى لعباده الكفر " عام يشمل الجميع فقول بعضهم: إنه خاص أريد به من عناهم في قوله: " إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين " الحجر: 42 وهم المخلصون - أو المعصومون على ما فسره الزمخشري - ولازمه أن الله سبحانه رضي الايمان لمن آمن ورضى الكفر لمن كفر إلا المعصومين فإنه أراد منهم الايمان، وصانهم عن الكفر سخيف جدا، والسياق يأباه كل الاباء، إذ الكلام مشعر حينئذ برضاه الكفر للكافر فيؤل معنى الكلام إلى نحو من قولنا: إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى للأنبياء مثلا الكفر لرضاه لهم الايمان وإن تشكروا أنتم يرضه لكم وإن تكفروا يرضه لكم وهذا - كما ترى - معنى ردي ساقط وخاصة من حيث وقوعه في سياق الدعوة.
على أن الأنبياء مثلا داخلون فيمن شكر وقد رضي لهم الشكر والايمان ولم يرض لهم الكفر فلا موجب لافرادهم بالذكر وقد ذكر الرضا عمن شكر.
وقوله: " ولا تزر وازرة وزر أخرى " أي لا تحمل نفس حاملة حمل نفس أخرى أي لا يؤاخذ بالذنب إلا من ارتكبه.
وقوله: " ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور " أي هذا في الدنيا من كفر أو شكر ثم يبعثكم الله فيظهر لكم حقيقة أعمالكم ويحاسبكم على ما في قلوبكم وقد تكرر الكلام في معاني هذه الجمل فيما تقدم.
(كلام في معنى الرضا والسخط من الله) الرضا من المعاني التي يتصف بها أولو الشعور والإرادة ويقابله السخط وكلاهما وصفان وجوديان.
ثم الرضا يتعلق بالمعاني من الأوصاف والافعال دون الذوات يقال: رضي له كذا ورضي بكذا قال تعالى: " ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله رسوله " التوبة: 59 وقال: