السنة الأربعة المتفرعة على طول الليل والنهار وقصرهما وبذلك يتم أمر أرزاق الحيوان وتدبير معاشها كما قال: " وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين "، حم السجدة: 10.
فمضامين الآيات الثلاث مترتبة مستتبعة بعضها بعضا فإنشاء السمع والبصر والفؤاد وهو الحس والعقل للانسان يستتبع حياة متعلقة بالمادة وسكونا في الأرض إلى حين، ثم الرجوع إلى الله، وهو يستتبع حياة وموتا، وذلك يستتبع عمرا متقضيا بانقضاء الزمان ورزقا يرتزق به.
فالآيات الثلاث تتضمن الإشارة إلى دور كامل من تدبير أمر الانسان من حين يخلق إلى أن يرجع إلى ربه، والله سبحانه هو مالك خلقه فهو مالك تدبير أمره لان هذا التدبير تدبير تكويني لا يفارق الخلق والايجاد ولا ينحاز عنه، وهو نظام الفعل والانفعال الجاري بين الأشياء بما بينها من الروابط المختلفة المجعولة بالتكوين فالله سبحانه هو ربهم المدبر لأمرهم وإليه يحشرون، وقوله: " أفلا تعقلون " توبيخ لهم وحث على التنبه فالايمان.
قوله تعالى: " بل قالوا مثل ما قال الأولون " إضراب عن نفي سابق يدل عليه الاستفهام المتقدم أي لم يعقلوا بل قالوا كذا وكذا.
وفي تشبيه قولهم بقول الأولين إشارة إلى أن تقليد الآباء منعهم عن اتباع الحق وأوقعهم فيما لا يبقى معه للدين جدوى وهو نفي المعاد، والاخلاص إلى الأرض والانغمار في الماديات سنة جارية فيهم في آخريهم وأوليهم.
قوله تعالى: " قالوا أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون " بيان لقوله:
" قالوا " في الآية السابقة والكلام مبني على الاستبعاد.
قوله تعالى: " لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين " الأساطير الأباطيل والأحاديث الخرافية وهي جمع أسطورة كأكاذيب جمع أكذوبة وأعاجيب جمع أعجوبة وإطلاق الأساطير وهو جمع على البعث وهو مفرد بعناية أنه مجموع عدات كل واحد منها أسطورة كالاحياء والجمع والحشر والحساب والجنة والنار وغيرها، والإشارة بهذا إلى حديث البعث وقوله: من قبل، متعلق بقوله: " وعدنا " على ما يعطيه سياق الجملة.