والمعنى: أن وعد البعث وعد قديم ليس بحديث نقسم لقد وعدناه من قبل نحن وآباؤنا ليس البعث الموعود إلا أحاديث خرافية وضعها ونظمها الاناسي الأولون في صورة إحياء الأموات وحساب الأعمال والجنة والنار والثواب والعقاب.
والدليل على كونها أساطير أن الأنبياء من قديم الدهر لا يزالون يعدوننا ويخوفوننا بقيام الساعة ولو كان حقا غير خرافي لوقع.
ومن هنا يظهر أولا أن قولهم: " من قبل " لتمهيد الحجة على قولهم بعده " إن هذا إلا أساطير الأولين ".
وثانيا: أن الكلام مسوق للترقي فالآية السابقة: " أإذا كنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون " مبنية على الاستبعاد وهذه الآية متضمنة للانكار مبنيا على حجة واهية.
قوله تعالى: " قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون " لما ذكر استبعادهم للبعث ثم إنكارهم له شرع في الاحتجاج على إمكانه من طريق الملك والربوبية والسلطنة، ووجه الكلام إلى الوثنيين المنكرين للبعث وهم معترفون به تعالى بمعنى أنه الموجد للعالم ورب الأرباب والآلهة المعبودون دونه من خلقه، ولذا أخذ وجوده تعالى مسلما في ضمن الحجة.
فقوله: " قل لمن الأرض ومن فيها " أمر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يسألهم عن مالك الأرض ومن فيها من أولى العقل من هو؟ ومعلوم أن السؤال إنما هو عن الملك الحقيقي الذي هو قيام وجود شئ بشئ بحيث لا يستقل الشئ المملوك عن مالكه بأي وجه فرض دون الملك الاعتباري الذي وضعناه معاشر المجتمعين لمصلحة الاجتماع وهو يقبل الصحة والفساد ويقع موردا للبيع والشرى، وذلك لان الكلام مسوق لاثبات صحة جميع التصرفات التكوينية وملاكها الملك التكويني الحقيقي دون التشريعي الاعتباري.
قوله تعالى: " سيقولون لله قل أفلا تذكرون " إخبار عن جوابهم وهو أن الأرض ومن فيها مملوكة لله، ولا مناص لهم عن الاعتراف بكونها لله سبحانه فإن هذا النوع من الملك لا يقوم إلا بالعلة الموجدة لمعلولها حيث يقوم وجود المعلول بها قياما لا يستقل عنها بوجه من الوجوه، والعلة الموجدة للأرض ومن فيها هو الله سبحانه وحده لا شريك له حتى باعتراف الوثنيين.
وقوله: " قل أفلا تذكرون " أمر بعد تسجيل الجواب أن يوبخهم على عدم