الهمزة وهي أرجح من قراءة الفتح فيؤيد ما ذكرناه وتكون الجملة بلفظها تعليلا من دون تقدير اللام.
وقوله: (أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم) بيان لآية خارقة من الآيات الموعودة في قوله: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) وفي كونه وصفا لأمر خارق للعادة دلالة على أن المراد بالاخراج من الأرض إما الاحياء والبعث بعد الموت وإما أمر يقرب منه، وأما كونها دابة تكلمهم فالدابة ما يدب في الأرض من ذوات الحياة إنسانا كان أو حيوانا غيره فإن كان إنسانا كان تكليمه الناس على العادة وإن كان حيوانا أعجم كان تكليمه كخروجه من الأرض خرقا للعادة.
ولا نجد في كلامه تعالى ما يصلح لتفسير هذه الآية وأن هذه الدابة التي سيخرجها لهم من الأرض فتكلمهم ما هي؟ وما صفتها؟ وكيف تخرج؟ وماذا تتكلم به؟ بل سياق الآية نعم الدليل على أن القصد إلى الابهام فهو كلام مرموز فيه.
ومحصل المعنى: إنه إذا آل أمر الناس - وسوف يؤل - إلى أن كانوا لا يوقنون بآياتنا المشهودة لهم وبطل استعدادهم للايمان بنا بالتعقل والاعتبار آن وقت أن نريهم ما وعدنا إراءته لهم من الآيات الخارقة للعادة المبينة لهم الحق بحيث يضطرون إلى الاعتراف بالحق فأخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم.
هذا ما يعطيه السياق ويهدي إليه التدبر في الآية من معناها، وقد أغرب المفسرون حيث أمعنوا في الاختلاف في معاني مفردات الآية وجملها والمحصل منها وفي حقيقة هذه الدابة وصفتها ومعنى تكليمها وكيفية خروجها وزمان خروجها وعدد خروجها والمكان الذي تخرج منه في أقوال كثيرة لا معول فيها إلا على التحكم، ولذا أضربنا عن نقلها والبحث عنها، ومن أراد الوقوف عليها فعليه بالمطولات.
قوله تعالى: (ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون) الفوج - كما ذكره الراغب - الجماعة المارة المسرعة، والايزاع إيقاف القوم وحبسهم بحيث يرد أولهم على آخرهم.
وقوله: (ويوم نحشر) منصوب على الظرفية لمقدر والتقدير واذكر يوم نحشر والمراد بالحشر هو الجمع بعد الموت لان المحشورين فوج من كل أمة ولا اجتماع لجميع