تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ٣٨٥
لو امتنعت بل البعث عود الخلق ورجوعه وهو خلق من غير بطلان إلى ربه المبدئ له.
وقوله: " ومن يرزقكم من السماء والأرض " إشارة إلى ما وقع من تدبيره لأمرهم بين البدء والعود وهو رزقهم بأسباب سماوية كالأمطار وأسبابها والأرضية كعامة ما يتغذى به الانسان من الأرضيات.
وقوله: " قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين " لما ذكر سبحانه فصولا مشتملة على عامة الخلق والتدبير مع الإشارة إلى ارتباط التدبير بعضه ببعض وارتباط الجميع إلى الخلق وعاد الخلق والتدبير بذلك أمرا واحدا منتسبا إليه قائما به تعالى وثبت بذلك انه تعالى هو رب كل شئ وحده لا شريك له وكان لازم ذلك إبطال ألوهية الآلهة التي يدعونها من دون الله -.
- وذلك أن الألوهية وهي استحقاق العبادة تتبع الربوبية التي هي تدبير عن ملك فالعبادة على ما يتداولونها إما لتكون شكرا للنعمة أو اتقاء للنقمة وعلى أي حال ترتبط بالتدبير الذي هو من شؤون الربوبية -.
- وكان إبطال ألوهية الآلهة من دون الله هو الغرض من الفصول الموردة في هذه الآيات كما يدل على ذلك قوله بعد إيراد كل واحد من الفصول: " أإله مع الله ".
أمر نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: " قل هاتوا برهانكم " أن يطالبهم بالبرهان على ما يدعونه من ألوهية آلهتهم ليظهر بانقطاعهم أنهم مجازفون في دعواهم إذ لو استدلوا على ألوهيتها بشئ كان من الواجب أن ينسبوا إليها شيئا من تدبير العالم والحال أن جميع الخلق والتدبير له تعالى وحده.
قوله تعالى: " قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون " لما أمره صلى الله عليه وآله وسلم بعد إبطال ألوهية آلهتهم بانتساب الخلق والتدبير إليه تعالى وحده أن يطالبهم بالبرهان على ما يدعونه أمره ثانيا أن يواجههم ببرهان آخر على بطلان ألوهية آلهتهم وهو عدم علمهم بالغيب وعدم شعورهم بالساعة وأنهم أيان يبعثون مع أنه لا يعلم أحد ممن في السماوات والأرض - ومنهم آلهتهم الذين هم الملائكة
(٣٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 ... » »»
الفهرست