(بيان) هي من تمام الفصل السابق من الآيات تشير إلى البعث وبعض ما يلحق به من الأمور الواقعة فيه وبعض أشراطه وتختم السورة بما يرجع إلى مفتتحها من الانذار والتبشير.
قوله تعالى: " وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون " مقتضى السياق - بما أن الآية متصلة بما قبلها من الآيات الباحثة عن أمر المشركين المعاصرين للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أو خصوص أهل مكة من قريش وقد كانوا أشد الناس عداوة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ودعوته - أن ضمائر " عليهم " و " لهم " و " تكلمهم " للمشركين المحدث عنهم لكن لا لخصوصهم بل بما أنهم ناس معنيون بالدعوة فالمراد بالحقيقة عامة الناس من هذه الأمة من حيث وحدتهم فيلحق بأولهم من الحكم ما يلحق بآخرهم وهذا النوع من العناية كثير الورود في كلامه تعالى.
والمراد بوقوع القول عليهم تحقق مصداق القول فيهم وتعينهم لصدقه عليهم كما في الآية التالية: " ووقع القول عليهم بما ظلموا " أي حق عليهم العذاب، فالجملة في معنى " حق عليهم القول " وقد كثر وروده في كلامه تعالى، والفرق بين التعبيرين أن العناية في " وقع القول عليهم " بتعينهم مصداقا للقول وفي " حق عليهم القول " باستقرار القول وثبوته فيهم بحيث لا يزول.
وأما ما هو هذا القول الواقع عليهم فالذي يصلح من كلامه تعالى لان يفسر به قوله: " سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق " حم السجدة:
53، فإن المراد بهذه الآيات التي سيريهم غير الآيات السماوية والأرضية التي هي بمرآهم ومسمعهم دائما قطعا بل بعض آيات خارقة للعادة تخضع لها وتضطر للايمان بها أنفسهم في حين لا يوقنون بشئ من آيات السماء والأرض التي هي تجاه أعينهم وتحت مشاهدتهم.
وبهذا يظهر أن قوله: (أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون) تعليل لوقوع القول عليهم والتقدير لان الناس، وقوله: (كانوا) لإفادة استقرار عدم الايقان فيهم والمراد بالآيات الآيات المشهودة من السماء والأرض غير الآيات الخارقة وقرئ (إن) بكسر