تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ٣٨٩
الجهل ولا يجوز عليه تعالى ذلك فمعنى قوله: " عسى أن يكون ردف لكم " سيردفكم ويأتيكم العذاب محققا.
وفيه أن معنى الترجي والتمني ونحوهما كما جاز أن يقوم بنفس المتكلم يجوز أن يقوم بالمقام أو بالسامع أو غيرهما وهو في كلامه تعالى قائم بغير المتكلم من المقام وغيره وما في الآية من الجواب لما أرجع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان الرجاء المدلول عليه بكلمة عسى قائما بنفسه الشريفة والمعنى: قل أرجو ان يكون ردف لكم العذاب.
وفي تفسير أبي السعود: وعسى ولعل وسوف في مواعيد الملوك بمنزلة الجزم بها، وإنما يطلقونها إظهارا للوقار، وإشعارا بأن الرمز من أمثالهم كالتصريح ممن عداهم وعلى ذلك مجرى وعد الله تعالى ووعيده انتهى وهو وجه وجيه.
ومعنى الآية: قل لهؤلاء السائلين عن وقت الوعد: أرجو أن يكون تبعكم بعض الوعد الذي تستعجلونه وهو عذاب الدنيا الذي يقربكم من عذاب الآخرة ويؤديكم إليه، وفي التعبير بقوله: " ردف لكم " إيماء إلى قربه.
قوله تعالى: " وإن ربك لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون " معنى الآية في نفسها ظاهر ووقوعها في سياق التهديد والتخويف يفيد ان تأخيره تعالى العذاب عنهم مع استحقاقهم ذلك إنما هو فضل منه عليهم يجب عليهم شكره عليه لكنهم لا يشكرونه ويسألون تعجيله.
قوله تعالى: " وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون " أي إن تأخير العذاب ليس عن جهل منه تعالى بحالهم وما يستحقونه بالكفر والجحود فإنه يعلم ما تستره وتخفيه صدورهم وما يظهرونه.
ثم أكد ذلك بأن كل غائبة - وهي ما من شأنه ان يغيب ويخفي في أي جهة من جهات العالم كان - مكتوب محفوظ عنده تعالى وهو قوله: " وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين ".
قوله تعالى: " إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل - إلى قوله - العزيز العليم " تطييب لنفس النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتمهيد لما سيذكره من حقية دعوته وتقوية لايمان المؤمنين به، و بهذا الوجه يتصل بقوله قبلا: " ولا تحزن عليهم " الخ المشعر بحقية دعوته.
(٣٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 ... » »»
الفهرست