المتخلل بين الشيئين.
والمعنى: بل أمن جعل الأرض مستقرة لا تميد بكم وجعل في فرجها التي في جوفها أنهارا وجعل لها جبالا ثابتة وجعل بين البحرين مانعا من اختلاطهما وامتزاجهما هو خير أم ما يشركون؟ والكلام في قوله: " أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون " كالكلام في نظيره من الآية السابقة.
قوله تعالى: " أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون " المراد بإجابة المضطر إذا دعاه استجابة دعاء الداعين وقضاء حوائجهم وإنما أخذ وصف الاضطرار ليتحقق بذلك من الداعي حقيقة الدعاء والمسألة إذ ما لم يقع الانسان في مضيقة الاضطرار وكان في مندوحة من المطلوب لم يتمحض منه الطلب وهو ظاهر.
ثم قيده بقوله: " إذا دعاه " للدلالة على أن المدعو يجب أن يكون هو الله سبحانه وإنما يكون ذلك عند ما ينقطع الداعي عن عامة الأسباب الظاهرية ويتعلق قلبه بربه وحده وأما من تعلق قلبه بالأسباب الظاهرية فقط أو بالمجموع من ربه ومنها فليس يدعو ربه وإنما يدعو غيره.
فإذا صدق في الدعاء وكان مدعوه ربه وحده فإنه تعالى يجيبه ويكشف السوء الذي اضطره إلى المسألة كما قال تعالى: " ادعوني أستجب لكم " المؤمن: 60، فلم يشترط للاستجابة إلا أن يكون هناك دعاء حقيقة وأن يكون ذلك الدعاء متعلقا به وحده، وقال أيضا: " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان " البقرة: 186، وقد فصلنا القول في معنى الدعاء في الجزء الثاني من الكتاب في ذيل الآية.
وبما مر من البيان يظهر فساد قول بعضهم: إن اللام في " المضطر " للجنس دون الاستغراق فكم من مضطر يدعو فلا يجاب فالمراد إجابة دعاء المضطر في الجملة لا بالجملة.
وجه الفساد أن مثل قوله: " ادعوني أستجب لكم " وقوله: " فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان " يأبى تخلف الدعاء عن الاستجابة، وقوله: كم من مضطر يدعو