فلا يجاب، غير مسلم إذا كان دعاء حقيقة لله سبحانه وحده كما تقدم بيانه.
على أن هناك آيات كثيرة تدل على أن الانسان يتوجه عند الاضطرار كركوب السفينة نحو ربه فيدعوه بالاخلاص فيستجاب له كقوله تعالى: " وإذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما " الآية، يونس: 12، وقوله: " حتى إذا كنتم في الفلك - إلى قوله - وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين " يونس: 22، وكيف يتصور تعلق النفس بتوجهها الغريزي الفطري بأمر لا اطمئنان لها به فما قضاء الفطرة في ذلك إلا كقضائها عند إدراك حاجتها الوجودية إلى من يوجدها ويدبر أمرها أن هناك أمرا يرفع حاجتها وهو الله سبحانه.
فإن قلت: نحن كثيرا ما نتوسل في حوائجنا من الأسباب الظاهرية بما لا نقطع بفعلية تأثيره في رفع حاجتنا وإنما نتعلق به رجاء أن ينفعنا إن نفع.
قلت: هذا توسل فكري مبدؤه الطمع والرجاء وهو غير التوسل الغريزي الفطري نعم في ضمنه نوع من التوجه الغريزي الفطري وهو التسبب بمطلق السبب ومطلق السبب لا يتخلف، فافهم.
وظهر أيضا فساد قول من قال: المراد بالمضطر إذا دعاه المذنب إذا استغفره فإن الله يغفر له وهو إجابته.
وفيه أن إشكال الاستغراق بحاله فما كل استغفار يستتبع المغفرة ولا كل مستغفر يغفر له. على أنه لا دليل على تقييد إطلاق المضطر بالمذنب العاصي.
وذكر بعضهم: ان الاستغراق بحاله لكن ينبغي تقييد الإجابة بالمشية كما وقع ذلك في قوله تعالى: " فيكشف ما تدعون إليه إن شاء " الانعام: 41.
وفيه أن الآية واقعة في سياق لا تصلح معه لتقييد الإجابة في آية المضطر وهو قوله تعالى: " قل أرأيتم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء " فالساعة من القضاء المحتوم لا يتعلق بكشفها طلب حقيقي، وأما العذاب الإلهي فإن طلب كشفه بتوبة وإيمان حقيقي فإن الله يكشفه كما كشف عن قوم يونس وإن لم يكن كذلك بل احتيالا للنجاة منه فلا لعدم كونه طلبا حقيقيا بل مكرا في صورة الطلب كما حكاه الله عن فرعون لما