تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ٣٨٣
أدركه الغرق " قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين " يونس: 91، وحكى عن أقوام آخرين أخذهم بالعذاب: " قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين " الأنبياء: 15.
وبالجملة فمورد قوله: " فيكشف ما تدعون إليه إن شاء " لما كان مما يمكن ان يكون الطلب فيه حقيقيا أو غير حقيقي كان من اللازم تقييد الكشف والاجابة فيه بالمشية فيكشف الله عنهم إن شاء وذلك في مورد حقيقة الطلب والايمان ولا يكشف إن لم يشأ وهذا غير مورد آية المضطر وسائر آيات إجابة الدعوة الذي يتضمن حقيقة الدعاء من الله سبحانه وحده.
وقوله: " ويجعلكم خلفاء الأرض " الذي يعطيه السياق أن يكون المراد بالخلافة الخلافة الأرضية التي جعلها الله للانسان يتصرف بها في الأرض وما فيها من الخليقة كيف يشاء كما قال تعالى: " وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة " البقرة: 30.
وذلك أن تصرفاته التي تصرف بها في الأرض وما فيها بخلافته أمور مرتبطة بحياته متعلقة بمعاشه فالسوء الذي يوقعه موقع الاضطرار ويسأل الله كشفه لا محالة شئ من الأشياء التي تمنعه التصرف أو بعض التصرف فيها وتغلق عليه باب الحياة والبقاء وما يتعلق بذلك أو بعض أبوابها ففي كشف السوء عنه تتميم لخلافته.
ويتضح هذا المعنى مزيد اتضاح لو حمل الدعاء والمسألة في قوله: " إذا دعاه " على الأعم من الدعاء اللساني كما هو الظاهر من قوله تعالى: " وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها " إبراهيم: 34، وقوله: " يسأله من في السماوات والأرض " الرحمن: 29، إذ يكون على هذا جميع ما أوتي الانسان ورزقه من التصرفات من مصاديق كشف السوء عن المضطر المحتاج إثر دعائه فجعله خليفة يتبع إجابة دعائه وكشف السوء الذي اضطره عنه.
وقيل: المعنى ويجعلكم خلفاء من قبلكم من الأمم في الأرض تسكنون مساكنهم وتتصرفون فيها بعدهم هذا. وما قدمناه من المعنى أنسب منه للسياق.
(٣٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 ... » »»
الفهرست