تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ٢٨٢
ممثلة للغير فإذ كانت مقصودة بالعبادة فمن الواجب أن يشتمل على ما هو الغرض المقصود منها من جلب نفع أو دفع ضر بالتوجه العبادي والدعاء والمسألة والأصنام بمعزل من أن تعلم بمسألة أو تجيب مضطرا بإيصال نفع أو صرف ضر ولذلك سألهم إبراهيم بقوله: " هل يسمعونكم " الخ.
قوله تعالى: " قال هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون " إعترض عليه السلام عليهم في عبادتهم الأصنام من جهتين:
إحداهما: أن العبادة تمثيل لذلة العابد وحاجته إلى المعبود فلا يخلو من دعاء من العابد للمعبود، ولدعاء يتوقف على علم المعبود بذلك وسمعه ما يدعوه به، و الأصنام أجسام جمادية لا سمع لها فلا معنى لعبادتها.
والثانية: أن الناس إنما يعبدون الاله أما طمعا في خيره ونفعه وإما اتقاء من شره وضره والأصنام جمادات لا قدرة لها على إيصال نفع أو دفع ضرر.
فكل من الآيتين يتضمن جهة من جهتي الاعتراض، وقد أوردهما في صورة الاستفهام ليضطرهم على الاعتراف.
قوله تعالى: " قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون " كان مقتضى المقام أن يجيبوا عن سؤاله عليه السلام بالنفي لكنه لما كان ينتج خلاف ما هم عليه من الانتحال بالوثنية أضربوا عنه إلى التشبث بذيل التقليد فذكروا أنهم لا مستند لهم في عبادتها إلا تقليد الآباء محضا.
وقوله: " وجدنا آباءنا كذلك يفعلون " أي ففعلنا كما كانوا يفعلون وعبدناهم كما كانوا يعبدون، ولم يعدل عن قوله: " كذلك يفعلون " إلى مثل قولنا: يعبدونها ليكون أصرح في التقليد كأنهم لا يفهمون من هذه العبادات إلا أنها أفعال كأفعال آبائهم من غير أن يفقهوا منها شيئا أزيد من أشكالها وصورها.
قوله تعالى: " قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون فإنهم عدو لي إلا رب العالمين " لما انتهت محاجته مع أبيه وقومه إلى أن لا حجة لهم في عبادتهم الأصنام إلا تقليد آباءهم محضا تبرأ عليه السلام من آلهتم ومن أنفسهم وآبائهم بقوله: " أفرأيتم " الخ.
فقوله: " أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون " تفريع على ما ظهر مما
(٢٨٢)
مفاتيح البحث: الوقوف (1)، الحج (1)، الضرر (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 ... » »»
الفهرست