تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ٢٨٧
عليه في الآخرين " الصافات: 108، وقد ذكر هذه الجملة بعد ذكر عدة من الأنبياء غيره كنوح وموسى وهارون وإلياس، وكذا قال تعالى في سورة مريم بعد ذكر زكريا ويحيى وعيسى وإبراهيم وموسى وهارون: " وجعلنا لهم لسان صدق عليا " مريم: 50 فالمراد على أي حال إبقاء دعوتهم بعدهم ببعث رسل أمثالهم.
وقيل: المراد به بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد روي عنه أنه قال: أنا دعوة أبي إبراهيم، ويؤيده تسمية دينه في مواضع من القرآن ملة إبراهيم، ويرجع معنى الآية حينئذ إلى معنى قوله حكاية عن إبراهيم وإسماعيل حين بناء الكعبة: " ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك - إلى أن قال - ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم " البقرة: 129.
وقيل: المراد به أن يجعل الله له ذكرا جميلا وثناء حسنا بعده إلى يوم القيامة وقد استجاب الله دعاءه فأهل الأديان يثنون عليه ويذكرونه بالجميل.
وفي صدق لسان الصدق على الذكر الجميل خفاء، وكذا كون هذا الدعاء والمحكي في سورة البقرة دعاء واحدا لا يخلو من خفاء.
قوله تعالى: " واجعلني من ورثة جنة النعيم " تقدم معنى وراثة الجنة في تفسير قوله تعالى: " أولئك هم الوارثون " المؤمنون: 10.
قوله تعالى: " واغفر لأبي إنه كان من الضالين " استغفار لأبيه حسب ما وعده في قوله: " سلام عليك سأستغفر لك ربي " مريم: 47، وليس ببعيد أن يستفاد من قوله تعالى: " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه " التوبة: 114، أنه دعا لأبيه بهذا الدعاء وهو حي بعد، وعلى هذا فمعني قوله: " إنه كان من الضالين " أنه كان قبل الدعاء بزمان من أهل الضلال.
قوله تعالى: " ولا تخزني يوم يبعثون يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم " الخزي عدم النصر، ممن يؤمل منه النصر والضمير في " يبعثون " للناس ولا يضره عدم سبق الذكر لكونه معلوما من خارج.
ويعلم من سؤاله عدم الاخزاء يوم القيامة أن الانسان في حاجة إلى النصر الإلهي
(٢٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 ... » »»
الفهرست