الآخرين " قصة غرق آل فرعون وإنجاء بني إسرائيل في أربع عشرة آية وقد أوجز في الكلام بحذف بعض فصول القصة لظهوره من سياقها كخروج موسى وبني إسرائيل ليلا من مصر لدلالة قوله: " أن أسر بعبادي " عليه وعلى هذا القياس.
فقال تعالى: " فأرسل فرعون " أي فأسري موسى بعبادي فلما علم فرعون بذلك أرسل " في المدائن " التي تحت سلطانه رجالا " حاشرين " يحشرون الناس ويجمعون الجموع قائلين للناس " إن هؤلاء " بني إسرائيل " لشرذمة قليلون " والشرذمة من كل شئ بقيته القليلة فتوصيفها بالقلة تأكيد " وإنهم لنا لغائظون " يأتون من الأعمال ما يغيظوننا به " وإنا لجميع " مجموع متفق فيما نعزم عليه " حاذرون " نحذر العدو أن يغتالنا أو يمكر بنا وإن كان ضعيفا قليلا، والمطلوب بقولهم هذا وهو لا محالة بلاغ من فرعون لحث الناس عليهم.
" فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم " فيه قصورهم المشيدة وبيوتهم الرفيعة ولما كان خروجهم عن مكر إلهي بسبب داعية الاستعلاء والاستكبار التي فيهم نسب إلى نفسه أنه أخرجهم " كذلك " أي الامر كذلك " وأورثناها " أي تلك الجنات والعيون والكنوز والمقام الكريم " بني إسرائيل " حيث أهلكنا فرعون وجنوده وأبقينا بني إسرائيل بعدهم فكانوا هم الوارثين.
" فأتبعوهم " أي لحقوا ببني إسرائيل " مشرقين " أي داخلين في وقت شروق الشمس وطلوعها " فلما تراءى الجمعان " أي دنا بعضهم من بعض فرأي كل من الجمعين جمع فرعون وجمع موسى الآخر، " قال أصحاب موسى " من بني إسرائيل خائفين فزعين " إنا لمدركون " يدركنا جنود فرعون.
" قال موسى كلا " لن يدركونا " إن معي ربي سيهدين " والمراد بهذه المعية معية الحفظ والنصرة وهي التي وعدها له ربه أول ما بعثه وأخاه إلى فرعون: " إنني معكما " وأما معية الايجاد والتدبير فالله سبحانه مع موسى وفرعون على نسب سواء، وقوله: " سيهدين " أي سيدلني على طريق لا يدركني فرعون معها.
" فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق " والانفلاق إنشقاق الشئ وبينونة بعضه من بعض " فكان كل فرق " أي قطعة منفصلة من الماء " كالطود " وهو