تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ٢٦٥
من حيث يتعين أن يجعل قوله: " وتلك نعمة تمنها علي " الخ، جوابا عن المن وهو لا ينطبق عليه، ويجعل قوله: " فعلتها إذا " الخ، جوابا عن الاعتراض بالقتل، ويبقى قوله: " وجعلني من المرسلين " فضلا لا حاجة إليه فافهم ذلك.
وقوله: " وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل " جواب عن منه عليه وتقريعه بأنه من عبيده وقد كفر نعمته وتقرير الجواب أن هذا الذي تعده نعمة وتقرعني بكفرانها سلطة ظلم وتغلب إذ عبدت بني إسرائيل والتعبيد ظلما وتغلبا ليس من النعمة في شئ.
فالجملة استفهامية مسوقة للانكار و " أن عبدت بني إسرائيل " بيان لما أشير إليه بقوله: " تلك " والمحصل أن الذي تشير إليه بقولك: " وأنت من الكافرين " من أن لك على نعمة كفرتها إذ كنت ولي نعمتي وسائر بني إسرائيل - أو إذ كنت ولي نعمتنا معشر بني إسرائيل - ليس بحق إذ كونك وليا منعما ليس إلا استنادا إلى التعبيد، والعبيد ظلم والولاية المستندة إليه أيضا ظلم وحاشا أن يكون الظالم وليا منعما له على من عبده نعمة وإلا كان التعبيد نعمة وليس نعمة، ففي قوله: " أن عبدت بني إسرائيل " وضع السبب موضع المسبب.
والقوم حللوا كلام فرعون: " ألم نربك " الخ، إلى اعتراضين - كما أشرنا إليه - المن عليه بتربيته وليدا وكفرانه النعمة وإفساده في الأرض بقتل القبطي فأشكل عليهم الامر من جهتين - كما أشرنا إليه.
إحداهما صيرورة قوله: " وجعلني من المرسلين " فضلا لا حاجة إليه في سوق الجواب.
والثانية: عدم صلاحية قوله: " وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل " جوابا عن منه على موسى عليه السلام بتربيته في بيته وليدا.
وقد ذكروا في توجيهه وجوها:
منها: أنه مسوق للاعتراف بأن تربيته لموسى كانت نعمة عليه وإنكار أن يكون ترك استعباده نعمة وهمزة الانكار مقدرة فكأنه يقول: أو تلك نعمة تمنها علي أن
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»
الفهرست