به فهم أو يناله إدراك، ولذلك لا يجوز عبادته لان العبادة نوع توجه إلى المعبود والتوجه إدراك.
ولذلك بعينه عدلوا عن عبادته والتقرب إليه إلى التقرب إلى أشياء من خلقه ذوي وجودات شريفة نورية أو نارية، هي مقربة إليه فانية فيه من الملائكة والجن والقديسين من البشر المتخلصين من ألواث المادة الفانين في اللاهوت الباقين بها ومنهم الملوك العظام أو بعضهم عند قدماء الوثنية وكان من جملتهم فرعون وموسى وبالجملة كانوا يعبدونهم بعبادة أصنامهم ليقربوهم إلى الله زلفي ويشفعوا لهم بمعني أن يفيضوا إليهم من الخير الذي يفيض عنهم كما في الملائكة أو لا يصيبوهم بالشر الذي يترشح عنهم كما في الجن فإن كلا من هؤلاء المعبودين يرجع إليه تدبير أمر من أمور العالم الكلية كالحب والبغض والسلم والجرب والرفاهية وغيرها أو صقع من أصقاعه كالسماء والأرض والانسان ونحوها.
فهناك أرباب وآلهة يتصرف كل منهم في العالم الذي يرجع إليه تدبيره كإله عالم الأرض وإله عالم السماء وهؤلاء هم الملائكة والجن وقديسو البشر، وإله عالم الآلهة وهو الله سبحانه فهو إله الآلهة ورب الأرباب.
إذا عرفت ما ذكرناه بان لك أن لا معنى صحيحا لقولنا: رب العالمين عند الوثنيين نظرا إلى أصولهم إذ لو أريد به بعض هذه الموجودات الشريفة الممكنة بأعيانهم فهو رب عالم من عوالم الخلقة وهو العالم الذي يباشر التصرف فيه كعالم السماء وعالم الأرض مثلا ولو أريد به الله سبحانه فهو رب عالم الأرباب وإله عالم آلهة فقط دون جميع العالمين ولو أريد غير الطائفتين من الرب الواجب الوجود والأرباب الممكنة الوجود فلا مصداق له معقولا.
فقوله: " قال فرعون وما رب العالمين " سؤال منه عن حقيقة رب العالمين بيانه أن فرعون كان وثنيا يعبد الأصنام وهو مع ذلك يدعي الألوهية، أما عبادته الأصنام فلقوله تعالى: " ويذرك وآلهتك " الأعراف: 127، وأما دعواه الألوهية فللآية المذكورة ولقوله تعالى: " فقال أنا ربكم الاعلى " النازعات: 24.
ولا منافاة عند الوثنية بين كون الشئ إلها ربا وبين كونه مربوب الرب آخر لان