وعلى هذا فقوله: " فقد كذبتم " من تفريع السبب على المسبب بمعنى انكشافه بمسببه، وقوله: " فسوف يكون لزاما " أي سوف يكون تكذيبكم ملازما لكم أشد الملازمة فتجزون بشقاء لازم وعذاب دائم.
والمعنى: قل لا قدر ولا منزلة لكم عند ربي فوجودكم وعدمكم عنده سواء لأنكم كذبتم فلا خير يرجي فيكم فسوف يكون هذا التكذيب ملازما لكم أشد الملازمة، إلا أن الله يدعوكم ليتم الحجة عليكم أو يدعوكم لعلكم ترجعون عن تكذيبكم. وهذا معنى حسن.
وقيل: " دعاؤكم " من إضافة المصدر إلى الفاعل، والمراد به عبادتهم لله سبحانه والمعنى: ما يبالي بكم ربي أو ما يبقيكم ربي لولا عبادتكم له.
وفيه أن هذا المعنى لا يلائم تفرع قوله: " فقد كذبتم " عليه وكان عليه من حق الكلام أن يقال: وقد كذبتم! على أن المصدر المضاف إلى فاعله يدل على تحقق الفعل منه وتلبسه به وهم غير متلبسين بدعائه وعبادته تعالى فكان من حق الكلام على هذا التقدير أن يقال لولا أن تدعوه فافهم.
والآية خاتمة السورة وتنعطف إلى غرض السورة ومحصل القول فيه وهو الكلام على اعتراض المشركين على الرسول وعلى القرآن النازل عليه وتكذيبهما.
(بحث روائي) في المجمع في قوله تعالى: " الذين يمشون على الأرض هونا " قال أبو عبد الله عليه السلام:
هو الرجل يمشي بسجيته التي جبل عليها لا يتكلف ولا يتبختر.
وفي الدر المنثور أخرج عبد بن حميد عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: " إن عذابها كان غراما " قال: الدائم.
وفي تفسير القمي في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: " إن عذابها كان غراما " يقول: ملازما لا ينفك. وقوله عز وجل: " والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا " الاسراف الانفاق في المعصية في غير حق " ولم يقتروا " لم يبخلوا