ومرادهم بكون أزواجهم وذرياتهم قرة أعين لهم أن يسروهم بطاعة الله والتجنب عن معصيته فلا حاجة لهم في غير ذلك ولا إربة وهم أهل حق لا يتبعون الهوى.
وقوله: " واجعلنا للمتقين إماما " أي متسابقين إلى الخيرات سابقين إلى رحمتك فيتبعنا غيرنا من المتقين كما قال تعالى: " فاستبقوا الخيرات " البقرة: 148، وقال:
" سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة " الحديد: 21، وقال: " والسابقون السابقون أولئك المقربون " الواقعة: 11. وكأن المراد أن يكونوا صفا واحدا متقدما على غيرهم من المتقين ولذا جئ بالامام بلفظ الافراد.
وقال بعضهم: إن الامام مما يطلق على الواحد والجمع، وقيل: إن إمام جمع آم بمعنى القاصد كصيام جمع صائم، والمعنى: اجعلنا قاصدين للمتقين متقيدين بهم، وفي قراءة أهل البيت " واجعل لنا من المتقين إماما ".
قوله تعالى: " أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما " الغرفة - كما قيل - البناء فوق البناء فهو الدرجة العالية من البيت، وهي كناية عن الدرجة العالية في الجنة، والمراد بالصبر الصبر على طاعة الله وعن معصيته فهذان القسمان من الصبر هما المذكوران في الآيات السابقة لكن لا ينفك ذلك عن الصبر عند النوائب والشدائد.
والمعنى: أولئك الموصوفون بما وصفوا يجزون الدرجة الرفيعة من الجنة يلقون فيها أي يتلقاهم الملائكة بالتحية وهو ما يقدم للانسان مما يسره وبالسلام وهو كل ما ليس فيه ما يخافه ويحذره، وفي تنكير التحية والسلام دلالة على التفخيم والتعظيم، والباقي ظاهر.
قوله تعالى: " قل ما يعبؤ بكم ربي لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما " قال في المفردات: ما عبأت به أي لم أبال به، وأصله من العب ء أي الثقل كأنه قال:
ما أرى له وزنا وقدرا، قال تعالى: " قل ما يعبؤ بكم ربي لولا دعاؤكم " وقيل: من عبأت الطيب كأنه قيل: ما يبقيكم لولا دعاؤكم. انتهى.
قيل: " دعاؤكم من إضافة المصدر إلى المفعول وفاعله ضمير راجع إلى " ربي "