تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ٢٤٣
الفعل الصادر من فاعله وهو حركات خاصة مشتركة بين السيئة والحسنة كعمل المواقعة مثلا المشترك بين الزنا والنكاح، والاكل المشترك بين أكل المال غصبا وبإذن من مالكه بل صفة الفعل من حيث موافقته لأمر الله ومخالفته له مثلا من حيث إنه يتأثر به الانسان ويحفظ عليه دون الفعل الذي هو مجموع حركات متصرمة متقضية فانية وكذا عنوانه القائم به الفاني بفنائه.
وهذه الآثار السيئة التي يتبعها العقاب أعني السيئات لازمة للانسان حتى يؤخذ بها يوم تبلى السرائر.
ولولا شوب من الشقوة والمساءة فالذات لم يصدر عنها عمل سئ إذ الذات السعيدة الطاهرة من كل وجه لا يصدر عنها سيئة قذرة فالأعمال السيئة إنما تلحق ذاتا شقية خبيثة بذاتها أو ذاتا فيها شوب من شقاء خباثة.
ولازم ذلك إذا تطهرت بالتوبة وطابت بالايمان والعمل الصالح فتبدلت ذاتا سعيدة ما فيها شوب من قذارة الشقاء أن تتبدل آثارها اللازمة التي كانت سيئات قبل ذلك فتناسب الآثار للذات بمغفرة من الله ورحمة وكان الله غفورا رحيما.
وإلى مثل هذا يمكن أن تكون الإشارة بقوله: " فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ".
قوله تعالى: " ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا " المتاب مصدر ميمي للتوبة، وسياق الآية يعطي أنها مسوقة لرفع استغراب تبدل السيئات حسنات بتعظيم أمر التوبة وأنها رجوع خاص إلى الله سبحانه فلا بدع في أن يبدل السيئات حسنات وهو الله يفعل ما يشاء.
وفي الآية مع ذلك شمول للتوبة من جميع المعاصي سواء قارنت الشرك أم فارقته، والآية السابقة كما تقدمت الإشارة إليه - كانت خفية الدلالة إلى حال المعاصي إذا تجردت من الشرك.
قوله تعالى: " والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما " قال في مجمع البيان: أصل الزور تمويه الباطل بما يوهم أنه حق. انتهى. فيشمل الكذب وكل
(٢٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 ... » »»
الفهرست