تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ٢٤١
فالمراد بدعائهم مع الله إلها آخر إما التلويح إلى أنه تعالى إله مدعو بالفطرة على كل حال فدعاء غيره دعاء لاله آخر معه وإن لم يذكر الله.
أو أنه تعالى ثابت في نفسه سواء دعي غيره أم لا فالمراد بدعاء غيره دعاء إله آخر مع وجوده وبعبارة أخرى تعديه إلى غيره.
أو إشارة إلى ما كان يفعله جهلة مشركي العرب فإنهم كانوا يرون أن دعاء آلهتهم إنما ينفعهم في البر وأما البحر فإنه لله لا يشاركه فيه أحد فالمراد دعاؤه تعالى في مورد كما عند شدائد البحر من طوفان ونحوه ودعاء غيره معه في مورد وهو البر، وأحسن الوجوه أوسطها. و قوله: " ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق " أي لا يقتلون النفس الانسانية التي حرم الله قتلها في حال من الأحوال إلا حال تلبس القتل بالحق كقتلها قصاصا وحدا.
وقوله تعالى: " ولا يزنون " أي لا يطؤون الفرج الحرام وقد كان شائعا بين العرب في الجاهلية، وكان الاسلام معروفا بتحريم الزنا والخمر من أول ما ظهرت دعوته.
وقوله: " ومن يفعل ذلك يلق أثاما " الإشارة بذلك إلى ما تقدم ذكره وهو الشرك وقتل النفس المحترمة بغير حق والزنا، والاثام الاثم وهو وبال الخطيئة وهو الجزاء بالعذاب الذي سيلقاه يوم القيامة المذكور في الآية التالية.
قوله تعالى: " يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا " بيان للقاء الآثام، وقوله: " ويخلد فيه مهانا " أي يخلد في العذاب وقد وقعت عليه الاهانة.
والخلود في العذاب في الشرك لا ريب فيه، وأما الخلود فيه عند قتل النفس المحترمة والزنا وهما من الكبائر وقد صرح القرآن بذلك فيهما وكذا في أكل الربا فيمكن أن يحمل على اقتضاء طبع المعصية ذلك كما ربما استفيد من ظاهر قوله: " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ".
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»
الفهرست