هو على تقدير مضاف والتقدير فضلت أصحاب أعناقهم خاضعين ها. وهو أسخف الوجوه.
قوله تعالى: " وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين " بيان لاستمرارهم على تكذيب آيات الله وتمكن الاعراض عن ذكر الله في نفوسهم بحيث كلما تجدد عليهم ذكر من الرحمن ودعوا إليه دفعه بالاعراض.
فالغرض بيان استمرارهم على الاعراض عن كل ذكر أتاهم لا أنهم يعرضون عن محدث الذكر ويقبلون إلى قديمه وفي ذكر صفة الرحمن إشارة إلى أن الذكر الذي يأتيهم إنما ينشأ عن صفة الرحمة العامة التي بها صلاح دنياهم وأخراهم.
وقد تقدم في تفسير أول سورة الأنبياء كلام في معنى الذكر المحدث فراجع.
قوله تعالى: " فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزؤن " تفريع على ما تقدم من استمرار إعراضهم، وقوله: " فسيأتيهم " الخ تفريع على التفريع والانباء جمع نبأ وهو الخبر الخطير، والمعنى لما استمر منهم الاعراض عن كل ذكر يأتيهم تحقق منهم وثبت عليهم أنهم كذبوا، وإذ تحقق منهم التكذيب فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزؤن من آيات الله، وتلك الانباء العقوبات العاجلة والآجلة التي ستحيق بهم.
قوله تعالى: " أو لم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم " الاستفهام للانكار التوبيخي والجملة معطوف على مقدر يدل عليه المقام والتقدير أصروا واستمروا على الاعراض وكذبوا بالآيات ولم ينظروا إلى هذه الأزواج الكريمة من النباتات التي أنبتناها في الأرض.
فالرؤية في قوله: " أو لم يروا " مضمنة معنى النظر ولذا عديت بإلى، والظاهر أن المراد بالزوج الكريم.
وهو الحسن على ما قيل: النوع من النبات وقد خلق الله سبحانه أنواعه أزواجا، وقيل: المراد بالزوج الكريم الذي أنبته الله يعم الحيوان وخاصة الانسان بدليل قوله: " والله أنبتكم من الأرض نباتا ".
قوله تعالى: " إن في ذلك الآية وما كان أكثرهم مؤمنين " الإشارة بذلك إلى ما ذكر في الآية السابقة من إنبات كل زوج كريم حيث أن فيه إيجادا لكل زوج منه وتتميم نقائص كل من الزوجين بالآخر وسوقهما إلى الغاية المقصودة من وجودهما