تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ٢٣٥
وقوله: " وزادهم نفورا " معطوف على جواب إذا والمعنى: وإذا قيل لهم اسجدوا استكبروا وزادهم ذلك نفورا ففاعل (زادهم) ضمير راجع إلى القول المفهوم من سابق الكلام.
وقول بعضهم: إن الفاعل ضمير راجع إلى السجود بناء على ما رووا أنه صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه سجدوا فتباعدوا عنهم مستهزئين ليس بسديد فإن وقوع واقعة ما لا يؤثر في دلالة اللفظ ما لم يتعرض له لفظا. ولا تعرض في الآية لهذه القصة أصلا.
قوله تعالى: " تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا " الظاهر أن المراد بالبروج منازل الشمس والقمر من السماء أو الكواكب التي عليها كما تقدم في قوله: " ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظر ين وحفظناها من كل شيطان رجيم " الحجر: 17، وإنما خصت بالذكر في الآية للإشارة إلى الحفظ والرجم المذكورين.
والمراد بالسراج الشمس بدليل قوله: " وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا " نوح: 16.
وقد قرروا الآية أنها احتجاج بوحدة التدبير العجيب السماوي والأرضي على وحدة المدبر فيجب التوجه بالعبادات إليه وصرف الوجه عن غيره.
والتدبر في اتصال الآيتين بما قبلهما وسياق الآيات لا يساعد عليه لان مضمون الآية السابقة من استكبارهم على الرحمان إذا أمروا بالسجود له واستهزائهم بالرسول لا نسبة كافية بينه وبين الاحتجاج على توحيد الربوبية حتى يعقب به، وإنما المناسب لهذا المعنى إظهار العزة والغنى وأنهم غير معجزين لله بفعالهم هذا ولا خارجون عن ملكه وسلطانه.
والذي يعطيه التدبر أن قوله: " تبارك الذي جعل في السماء بروجا " الخ، مسوق سوق التعزز والاستغناء، وأنهم غير معجزين باستكبارهم على الله واستهزائهم بالرسول بل هؤلاء ممنوعون عن الاقتراب من حضرة قربه والصعود إلى سماء جواره والمعارف الإلهية مضيئة مع ذلك لأهله وعباده بما نورها الله سبحانه بنور هدايته وهو نور الرسالة.
(٢٣٥)
مفاتيح البحث: السجود (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 ... » »»
الفهرست