تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ٢٤٠
وهذه - كما قيل - صفة نهارهم إذا انتشروا في الناس وأما صفة ليلهم فهي التي تصفها الآية التالية.
قوله تعالى: " والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما " البيتوتة إدراك الليل سواء نام أم لا، و " لربهم " متعلق بقوله: " سجدا " والسجود القيام جمعا ساجد وقائم، والمراد عبادتهم له تعالى بالخرور على الأرض والقيام على السوق، ومن مصاديقه الصلاة.
والمعنى: وهم الذين يدركون الليل حال كونهم ساجدين فيه لربهم وقائمين يتراوحون سجودا وقياما، ويمكن أن يراد به التهجد بنوافل الليل.
قوله تعالى: " والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما " الغرام ما ينوب الانسان من شدة أو مصيبة فيلزمه لا يفارقه والباقي ظاهر.
قوله تعالى: " إنها ساءت مستقرا ومقاما " الضمير لجهنم والمستقر والمقام اسما مكان من الاستقرار والإقامة، والباقي ظاهر.
قوله تعالى: " والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما "، الانفاق بذل المال وصرفه في رفع حوائج نفسه أو غيره، والاسراف الخروج عن الحد ولا يكون إلا في جانب الزيادة، وهو في الانفاق التعدي عما ينبغي الوقوف عليه في بذل المال، والقتر بالفتح فالسكون التقليل في الانفاق وهو بإزاء الاسراف على ما ذكره الراغب، والقتر والاقتار والتقتير بمعنى.
والقوام بالفتح الواسط العدل، وبالكسر ما يقوم به الشئ وقوله: " بين ذلك " متعلق بالقوام، والمعنى: وكان إنفاقهم وسطا عدلا بين ما ذكر من الاسراف والقتر فقوله: " وكان بين ذلك قواما " تنصيص على ما يستفاد من قوله: " إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا "، فصدر الآية ينفي طرفي الافراط والتفريط في الانفاق، وذيلها يثبت الوسط.
قوله تعالى: " والذين لا يدعون مع الله إلها آخر " إلى آخر الآية هذا هو الشرك وأصول الوثنية لا تجيز دعاءه تعالى وعبادته أصلا لا وحده ولا مع آلهتهم وإنما توجب دعاء آلهتهم وعبادتهم ليقربوهم إلى الله زلفى ويشفعوا لهم عنده.
(٢٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»
الفهرست