تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ٢٠٢
رجحنا أنه صفة مشبهة تدل على التفضيل بمادته لا بهيئته في مثل هذه الموارد غير منسلخ عن معنى التفضيل والعناية في ذلك أنهم لما اختاروا الشرك والاجرام واستحسنوا ذلك ولازمه النار في الآخرة فقد أثبتوا لها خيرية وحسنا فقوبلوا بأن الجنة وما فيها خير وأحسن حتى على لازم قولهم فعليهم أن يختاروها على النار وأن يختاروا الايمان على الكفر على أي حال، وقيل: إن التفضيل مبني على التهكم.
قوله تعالى: " ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا " الظاهر أن الظرف منصوب بفعل مقدر، والمعنى واذكر يوم كذا وكذا فإنهم يرون الملائكة فيه أيضا وهذا اليوم هو يوم القيامة بدليل قوله بعد: " الملك يومئذ الحق للرحمان "، وقيل في متعلق الظرف وجوه أخر لا فائدة في نقلها.
و " تشقق " أصله تتشقق من باب التفعل من الشق بمعنى الخرم والتشقق التفتح، والغمام السحاب سمي به لستره ضوء الشمس مأخوذ من الغم بمعنى الستر.
والباء في قوله: " تشقق السماء بالغمام " أما للملابسة والمعنى تتفتح السماء متلبسة بالغمام أي متغيمة، وإما بمعني عن والمعنى تتفتح عن الغمام أي من قبل الغمام أو تشققه.
وكيف كان فظاهر الآية أن السماء تنشق يوم القيامة بما عليها من الغمام الساتر لها ونزل منها الملائكة الذين هم سكانها فيشاهدونهم فالآية قريبة المعنى من قوله في موضع آخر: " وانشقت السماء فهي يومئذ واهية والملك على أرجائها " الحاقة: 17.
وليس من البعيد أن يكون الكلام كناية عن انكشاف غمة الجهل وبروز عالم السماء وهو من الغيب وبروز سكانها وهم الملائكة ونزولهم إلى العالم الأرضي موطن الانسان.
وقيل: المراد أن السماء يشقها الغمام وهو الذي يذكره في قوله: " هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الامر وإلى الله ترجع الأمور " البقرة: 210، وقد مر كلام في تفسير الآية.
والتعبير عن الواقعة بالتشقق دون التفتح وما يماثله للتهويل، وكذا التنوين في قوله: " تنزيلا " للدلالة على التفخيم.
قوله تعالى: " الملك يومئذ الحق للرحمان وكان يوما على الكافرين عسيرا " أي
(٢٠٢)
مفاتيح البحث: يوم القيامة (2)، الجهل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»
الفهرست