تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ١٩٧
يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا - 27. يا ويلتى ليتني لم اتخذ فلانا خليلا - 28. لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للانسان خذولا - 29. وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا - 30. وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا - 31.
(بيان) تحكي الآيات اعتراضا آخر من المشركين على رسالة الرسول يردون به عليه محصله أنه لو جاز أن يكون من البشر بما هو بشر رسول تنزل عليه الملائكة بالوحي من الله سبحانه أو يراه تعالى فيكلمه وحيا لكان الرسول وسائر البشر سواء في هذه الخصيصة فإن كان ما يدعيه من الرسالة حقا لكنا أو كان البعض منا يرى ما يدعي رؤيته ويجد من نفسه ما يجده.
وهذا الاعتراض مما سبقهم إليه أمم الأنبياء الماضين كما حكاه الله: " قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا " إبراهيم: 10، وقد مر تقريبه مرارا.
وهذا مع ما تقدم من إعتراض بقولهم: " ما لهذا الرسول يأكل الطعام " الخ، بمنزلة حجة واحدة تلزم الخصم بأحد محذورين ومحصل تقريره أن الرسالة التي يدعيها هذا الرسول إن كانت موهبة سماوية واتصالا غيبيا لا حظ فيها للبشر بما هو بشر فلينزل إليه ملك فيكون معه نذيرا أو يلقي إليه كنز أو يجعل له جنة يأكل منها، وإن كانت خاصة من شأن البشر بما هو بر أن ينالها يتصف بها فما بالنا لا نجدها في أنفسنا؟ فلولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا.
وقد أجاب الله سبحانه عن الشق الأول بما تقدم تقريره، وعن الثاني بأنهم سيرون الملائكة لكن في نشأة غير هذه النشأة الدنيوية، والجواب في معنى قوله: " ما
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»
الفهرست