تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ١٥٠
تولوا وأعرضوا عن حكم الله ورسوله لم يكن يسعهم أن يقسموا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم لئن أمرهم في حكمه بالخروج من ديارهم وأموالهم ليخرجن وهو ظاهر، اللهم إلا أن يكون المقسمون فريقا آخر منهم غير الرادين للدعوة المعرضين عن الحكم، وحينئذ كان حمل " ليخرجن " على هذا المعنى لا دليل يدل عليه.
قوله تعالى: " قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم " آخر الآية، أمر بطاعة الله فيما أنزل من الدين وأمر بطاعة الرسول فيما يأتيهم به من ربهم ويأمرهم به في أمر دينهم ودنياهم، وتصدير الكلام بقوله: " قل " إشارة إلى أن الطاعة جميعا لله، وقد أكده بقوله: " وأطيعوا الرسول " دون أن يقول: وأطيعوني لان طاعة الرسول بما هو طاعة الرسول طاعة المرسل، وبذلك تتم الحجة.
ولذلك عقب الكلام:
أولا بقوله: " فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم " أي فإن تتولوا وتعرضوا عن طاعة الرسول لم يضر ذلك الرسول فإنما عليه ما حمل من لتكليف ولا يمسكم منه شئ وعليكم ما حملتم من التكليف ولا يمسه منه شئ فإن الطاعة جميعا لله سبحانه.
وثانيا بقوله: " وإن تطيعوه تهتدوا " أي وإن كان لكل منكم ومنه ما حمل لكن إن تطيعوا الرسول تهتدوا لان ما يجئ به إليكم وما يأمركم به من الله وبأمره، والطاعة لله وفيه الهداية.
وثالثا بقوله: " وما على الرسول إلا البلاغ المبين " وهو بمنزلة التعليل لما تقدمه أي إن ما حمله الرسول من التكليف هو التبليغ فحسب فلا بأس عليه إن خالفتم ما بلغ، وإذ كان رسولا لم يحتمل إلا التبليغ فطاعته طاعة من أرسله وفي طاعة من أرسله وهو الله سبحانه اهتداؤكم.
قوله تعالى: " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم " إلى آخر الآية.
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»
الفهرست