خوفهم أمنا إيراثهم الأرض كما أورثها الله الأمم الذين كانوا قبلهم أو استخلاف الخلفاء بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم - على اختلاف التقرير - وتمكين الاسلام وانهزام أعداء الدين وقد أنجز الله وعده بما نصر الاسلام والمسلمين بعد الرحلة ففتحوا الأمصار وسخروا الأقطار.
وعلى القولين الآية من ملاحم القرآن حيث أخبر بأمر قبل أو ان تحققه ولم يكن مرجوا ذلك يومئذ.
وقيل: إنها في المهدي الموعود عليه السلام الذي تواترت الاخبار على أنه سيظهر فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، وإن المراد بالذين آمنوا وعملوا الصالحات النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة من أهل بيته عليهم السلام.
والذي يعطيه سياق الآية الكريمة على ما تقدم من البحث بالتحرز عن المسامحات التي ربما يرتكبها المفسرون في تفسير الآيات هو أن الوعد لبعض الأمي لا لجميعها ولا لاشخاص خاصة منهم وهم الذين آمنوا منهم وعملوا الصالحات فالآية في ذلك، ولا قرينة من لفظ أو عقل يدل على كونهم هم الصحابة أو النبي وأئمة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، ولا على أن المراد بالذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات جميع الأمة وإنما صرف الوعد إلى طائفة خاصة منهم تشريفا لهم أو لمزيد العناية بهم فهذا كله تحكم من غير وجه.
والمراد باستخلافهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم عقد مجتمع مؤمن صالح منهم يرثون الأرض كما ورثها الذين من قبلهم من الأمم الماضين أولى القوة والشوكة، وهذا الاستخلاف قائم بمجتمعهم الصالح من دون أن يختص به أشخاص منهم كما كان كذلك في الذين من قبلهم، وأما إرادة الخلافة الإلهية بمعنى الولاية على المجتمع كما كان لداود وسليمان ويوسف عليهم السلام وهي السلطنة الإلهية فمن المستبعد أن يعبر عن أنبيائه الكرام بلفظ " الذين من قبلهم " وقد وقعت هذه اللفظة أو ما بمعناها في أكثر من خمسين موضعا من كلامه تعالى ولم يقصد ولا في واحد منها الأنبياء الماضون مع كثرة ورود ذكرهم في القرآن، نعم ذكرهم الله بلفظ " رسل من قبلك " أو " رسل من قبلي " أو نحو هما بالإضافة إلى الضمير الراجع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
والمراد بتمكين دينهم الذي ارتضى لهم كما مر ثبات الدين على ساقة بحيث لا