يزلزله اختلافهم في أصوله، ولا مساهلتهم في إجراء أحكامه، والعمل بفروعه وخلوص المجتمع من وصمه النفاق فيه.
والمراد من تبديل خوفهم أمنا انبساط الامن والسلام على مجتمعهم بحيث لا يخافون عدوا في داخل مجتمعهم أو خارجه متجاهرا أو مستخفيا على دينهم أو دنياهم.
وقول بعضهم: إن المراد الخوف من العدو الخارج من مجتمعهم كما كان المسلمون يخافون الكفار والمشركين القاصدين إطفاء نور الله وإبطال الدعوة.
تحكم مدفوع بإطلاق اللفظ من غير قرينة معينة للمدعي. على أن الآية في مقام الامتنان وأي امتنان على قوم لا عدو يقصدهم من خارج وقد أحاط بمجتمعهم الفساد وعمته البلية لا أمن لهم في نفس ولا عرض ولا مال، الحرية فيه للقدرة الحاكمة والسبق فيه للفئة الباغية.
والمراد بكونهم يعبدون الله لا يشركون به شيئا ما يعطيه حقيقة معنى اللفظ وهو عموم إخلاص العبادة وانهدام بنيان كل كرامة إلا كرامة التقوى.
والمتحصل من ذلك كله أن الله سبحانه يعد الذين آمنوا منهم وعملوا الصالحات أن سيجعل لهم مجتمعا صالحا خالصا من وصمة الكفر والنفاق والفسق يرث الأرض لا يحكم في عقائد أفراده عامة ولا أعمالهم إلا الدين الحق يعيشون آمنين من غير خوف من عدو داخل أو خارج، أحرارا من كيد الكائدين وظلم الظالمين وتحكم المتحكمين.
وهذا المجتمع الطيب الطاهر على ما له من صفات الفضيلة والقداسة لم يتحقق ولم ينعقد منذ بعث لنبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى يومنا هذا، وإن انطبق فلينطبق على زمن ظهور المهدي عليه السلام على ما ورد من صفته في الأخبار المتواترة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة أهل البيت عليه السلام لكن على أن يكون الخطاب للمجتمع الصالح لا له عليه السلام وحده.
فإن قلت: ما معنى الوعد حينئذ للذين آمنوا منهم وعملوا الصالحات وليس المهدي عليه السلام أحد المخاطبين حين النزول ولا واحد من أهل زمان ظهوره بينهم؟
قلت: فيه خلط بين الخطابات الفردية والاجتماعية أعني الخطاب متوجه إلى أشخاص القوم بما هم أشخاص بأعيانهم والخطاب المتوجه إليهم بما هم قوم على نعت كذا فالأول لا يتعدى إلى غير أشخاصهم ولا ما تضمنه من وعد أو وعيد أو غير ذلك