وقوله: " وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا " هو كقوله: " وليمكنن لهم " عطف على قوله: " ليستخلفنهم " وأصل المعنى: وليبدلن خوفهم أمنا فنسبة التبديل إليهم إما على المجاز العقلي أو على حذف مضاف يدل عليه قوله: " من بعد خوفهم " والتقدير وليبدلن خوفهم: أو كون " أمنا " بمعنى: آمين.
والمراد بالخوف على أي حال، ما كان يقاسيه المؤمنون في صدر الاسلام من الكفار والمنافقين.
وقوله: " يعبدونني لا يشركون بي شيئا " الأوفق بالسياق أن يكون حالا من ضمير " وليبدلنهم " أي وليبدلن خوفهم أمنا في حال يعبدونني لا يشركون بي شيئا.
والالتفات في الكلام من الغيبة إلى التكلم، و تأكيد " يعبدونني " بقوله: " لا يشركون بي شيئا " ووقوع النكرة - شيئا - في سياق النفي الدال على نفي الشرك على الاطلاق كل ذلك يقضي بأن المراد عبادتهم لله عبادة خالصة لا يداخلها شرك جلي أو خفي، وبالجملة يبدل الله مجتمعهم مجتمعا أمنا يعبد فيه إلا الله ولا يتخذ فيه رب غيره.
وقوله: " ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون " ظاهر السياق كون " ذلك " إشارة إلى الموعود و الأنسب على ذلك كون " كفر " من الكفران مقابل الشكر، والمعنى: ومن كفر ولم يشكر الله بعد تحقق هذا الوعد الكفر أو النفاق أو سائر المعاصي الموبقة أولئك هم الفاسقون الكاملون في الفسق وهو الخروج عن زي العبودية.
وقد اشتد الخلاف بين المفسرين في الآية.
فقيل: انها واردة في أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد أنجز الله عده لهم باستخلافهم في الأرض وتمكين دينهم وتبديل خوفهم أمنا بما أعز الاسلام بعد رحلة النبي في أيام الخلفاء الراشدين، والمراد باستخلافهم استخلاف الخلفاء الأربعة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو الثلاثة الأول منهم، ونسبة الاستخلاف إلى جميعهم مع اختصاصه ببعضهم وهم الأربعة أو الثلاثة من قبيل نسبة أمر البعض إلى الكل كقولهم: قتل بنو فلان وإنما قتل بعضهم.
وقيل: هي عامة لامة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والمراد باستخلافهم وتمكين دينهم وتبديل