تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٣٢٨
قوله تعالى: " لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون " الزفير هو الصوت برد النفس إلى داخل ولذا فسر بصوت الحمار، وكونهم لا يسمعون جزاء عدم سمعهم في الدنيا كلمة الحق كما أنهم لا يبصرون جزاء لاعراضهم عن النظر في آيات الله في الدنيا.
وفي الآية عدول عن خطاب الكفار إلى خطاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إعراضا عن خطابهم ليبين سوء حالهم لغيرهم، وعليه فضمائر الجمع للكفار خاصة لا لهم وللآلهة معا.
قوله تعالى: " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون " الحسنى مؤنث أحسن وهي وصف قائم مقام موصوفه والتقدير العدة أو الموعدة الحسنى بالنجاة أو بالجنة والموعدة بكل منهما وارد في كلامه تعالى قال: " ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا " مريم: 72، وقال: " وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات " التوبة، 72.
قوله تعالى: " لا يسمعون حسيسها - إلى قوله - توعدون " الحسيس الصوت الذي يحس به، والفزع الأكبر الخوف الأعظم وقد أخبر سبحانه عن وقوعه في نفخ الصور حيث قال: " ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض " النمل: 87.
وقوله:، وتتلقاهم الملائكة " أي بالبشرى وهي قولهم: " هذا يومكم الذي كنتم توعدون ".
قوله تعالى: " يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده إلى آخر الآية، قال في المفردات، والسجل قيل: حجر كان يكتب فيه ثم سمي كل ما يكتب فبه سجلا قال تعالى: " كطي السجل للكتب " أي كطيه لما كتب فيه حفظا له، انتهى. وهذا أوضح معنى قيل في معنى هذه الكلمة وأبسطه.
وعلى هذا فقوله: للكتب " مفعول طي كما أن السجل فاعله والمراد أن السجل وهو الصحيفة المكتوب فيها الكتاب إذا طوي انطوى بطيه الكتاب وهو الألفاظ أو المعاني التي لها نوع تحقق وثبوت في السجل بتوسط الخطوط والنقوش فغاب الكتاب بذلك ولم يظهر منه عين ولا أثر كذلك السماء تنطوي بالقدرة بالقدرة الإلهية كما قال:
" والسماوات مطويات بيمينه " الزمر: 67 فتغيب عن غيره ولا يظهر منها عين ولا أثر غير أنها لا تغيب عن عالم الغيب وإن غاب عن غيره كما لا يغيب الكتاب عن السجل
(٣٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 ... » »»
الفهرست