تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٦٥
أبي عبد الله عليه السلام ورواه أيضا في المجمع مرسلا عنه عليه السلام.
وفي تفسير القمي: في قوله: " واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد " قال: وعد وعدا فانتظر صاحبه سنة وهو إسماعيل بن حزقيل.
أقول: وعده عليه السلام وهو أن يثبت في مكانه في انتظار صاحبه كان مطلقا لم يقيده بساعة أو يوم ونحوه فألزمه مقام الصدق أن يفي به بإطلاقه ويصبر نفسه في المكان الذي وعد صاحبه أن يقيم فيه حتى يرجع إليه.
وصفة الوفاء كسائر الصفات النفسانية من الحب والإرادة والعزم والايمان والثقة والتسليم ذات مراتب مختلفة باختلاف العلم واليقين فكما أن من الايمان ما يجتمع مع أي خطيئه وإثم وهو أنزل مراتبه ولا يزال ينمو ويصفو حتى يخلص من كل شرك خفي فلا يتعلق القلب بشئ غير الله ولو بالتفات إلى من دونه وهو أعلى مراتبه كذلك الوفاء بالوعد ذو مراتب فمن مراتبه في المقال مثلا إقامة ساعة أو ساعتين حتى تعرض حاجه أخرى توجب الانصراف إليها وهو الذي يصدق عليه الوفاء عرفا، وأعلى منه مرتبة الإقامة بالمكان حتى يوأس من رجوع الصديق إليه عادة بمجئ الليل ونحوه فيقيد به إطلاق الوعد، وأعلى منه مرتبة الاخذ بإطلاق القول والإقامة حتى يرجع وإن طال الزمان فالنفوس القوية التي تراقب قولها وفعلها لا تلقي من القول إلا ما في وسعها أن تصدقه بالفعل ثم إذا لفظت لم يصرفها عن إتمام الكلمة وإنفاذ العزيمة أي صارف.
وفي الرواية أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعد بعض أصحابه بمكة أن ينتظره عند الكعبة حتى يرجع إليه فمضى الرجل لشأنه ونسي الامر فبقي صلى الله عليه وآله ثلاثة أيام هناك ينتظره فاطلع بعض الناس عليه فأخبر الرجل بذلك فجاء واعتذر إليه وهذا مقام الصديقين لا يقولون إلا ما يفعلون.
(قصة إدريس النبي عليه السلام) 1 - لم يذكر عليه السلام في القرآن إلا في الآيتين من سورة مريم: " واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا ورفعناه مكانا عليا " الآية 56 - 57 وفي قوله:
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»
الفهرست