تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٢٨
فقيل له: إن آيتك أن يعتقل لسانك فلا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا وكان كذلك وخرج على قومه من المحراب وأشار إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا وأصلح الله له زوجه فولدت له يحيى عليهما السلام (آل عمران: 37 - 41 مريم: 2 - 11 الأنبياء: 89 - 90) ولم يذكر في القرآن مآل أمره عليه السلام وكيفية ارتحاله لكن وردت أخبار متكاثرة من طرق العامة والخاصة، أن قومه قتلوه وذلك أن أعداءه قصدوه بالقتل فهرب منهم والتجأ إلى شجرة فانفرجت له فدخل جوفها ثم التأمت فدلهم الشيطان عليه وأمرهم أن ينشروا الشجرة بالمنشار ففعلوا وقطعوه نصفين فقتل عليه السلام عند ذلك.
وقد ورد في بعض الاخبار أن السبب في قتله أنهم اتهموه في أمر مريم وحبلها بالمسيح وقالوا: هو وحده كان المتردد إليها الداخل عليها، وقيل غير ذلك.
(قصة يحيى عليه السلام في القرآن) 1 - الثناء عليه: ذكره الله في بضعة مواضع من كلامه وأثنى عليه ثناء جميلا فوصفه بأنه كان مصدقا بكلمة من الله وهو تصديقه بنبوة المسيح، وأنه كان سيدا يسود قومه، وأنه كان حصورا لا يأتي النساء، وكان نبيا ومن الصالحين (سورة آل عمران: 39) ومن المجتبين وهم المخلصون - ومن المهديين (الانعام: 85 - 87)، وأن الله هو سماه بيحيى ولم يجعل له من قبل سميا، وأمره بأخذ الكتاب بقوة وآتاه الحكم صبيا، وسلم عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا (مريم: 2 - 15) ومدح بيت زكريا بقوله: " إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين " الأنبياء: 90 وهم يحيى وأبوه وأمه.
2 - تاريخ حياته: ولد عليه السلام لأبويه على خرق العادة فقد كان أبوه شيخا فانيا وأمه عاقرا فرزقهما الله يحيى وهما آئسان من الولد، وأخذ بالرشد والعبادة والزهد في صغره وآتاه الله الحكم صبيا، وقد تجرد للتنسك والزهد والانقطاع فلم يتزوج قط ولا ألهاه شئ من ملاذ الدنيا.
وكان معاصرا لعيسى بن مريم عليه السلام وصدق نبوته، وكان سيدا في قومه تحن
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»
الفهرست