تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٣٢٩
وإن غاب عن غيره.
فطي السماء علي هذا رجوعها إلى خزائن الغيب بعد ما نزلت منها وقدرت كما قال تعالى: " وإن من شئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم: الحجر: 21 وقال مطلقا: " وإلى الله المصير " آل عمران: 28 وقال: إن إلى ربك الرجعي " العلق: 8.
ولعله بالنظر إلى هذا المعنى قيل: إن قوله: " كما بدأنا أول خلق نعيده " ناظر إلى رجوع كل شئ إلى حاله التي كان عليها حين ابتدئ خلقه وهي أنه لم يكن شيئا مذكورا كما قال تعالى وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا: مريم: 9، وقال : " هل أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا: الدهر: 1.
وهذا معنى ما نسب إلى ابن عباس أن معنى الآية يهلك كل شئ كما كان أول مرة وهو وإن كان مناسبا للاتصال بقوله يوم نطوى السماء " الخ. ليقع في مقام التعليل له لكن الأغلب على سياق الآيات السابقة بيان الإعادة بمعنى إرجاع الأشياء بعد فنائها لا الإعادة بمعنى إفناء الأشياء وإرجاعها إلى حالها قبل ظهورها بالوجود.
فظاهر سياق الآيات أن المراد نبعث الخلق كما بدأناه فالكاف في قوله: " كما بدأنا أول خلق نعيده " للتشبيه و " ما " مصدرية و " أول خلق " مفعول " بدأنا " والمراد أنا نعيد الخلق كابتدائه في السهولة من غير أن يعز علينا.
وقوله:: " وعدا علينا إنا كنا فاعلين أي وعدناه وعدا ألزمنا ذلك ووجب علينا الوفاء به وإنا كنا فاعلين لما وعدنا وسنتنا ذلك.
قوله تعالى: " ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون " الظاهر أن المراد بالزبور كتاب داود عليه السلام وقد سمي بهذا الاسم في قوله:
وآتينا داود زبورا " النساء: 163، أسرى: 55، وقيل: المراد به القرآن، وقيل:
مطلق الكتب المنزلة على الأنبياء أو على الأنبياء بعد موسى ولا دليل على شئ من ذلك.
والمراد بالذكر قيل: " هو التوراة وقد سماها الله به في موضعين من هذه السورة وهما قوله: " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " الآية 7 وقوله: " وذكرا للمتقين " الآية: 48 منها، وقيل هو القرآن وقد سماه الله ذكرا في مواضع من كلامه وكون
(٣٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 ... » »»
الفهرست