تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٣٢٦
ومنها: أن الحرام بمعنى الواجب أي واجب على قريه أهلكناها أنهم لا يرجعون واستدل على إتيان الحرام بمعنى الواجب بقول الخنساء:
وإن حراما لا أرى الدهر باكيا * على شجوة إلا بكيت على صخر.
ومنها: أن متعلق الحرمة محذوف والتقدير حرام على قرية أهلكناها بالذنوب أي وجدناها هالكة بها أن يتقبل منهم عمل لانهم لا يرجعون إلى التوبة.
ومنها: أن المراد بعدم الرجوع عدم الرجوع إلى الله سبحانه بالبعث لا عدم الرجوع إلى الدنيا والمعنى - على استقامة اللفظ - وممتنع على قرية أهلكناها بطغيان أهلها أن لا يرجعوا إلينا للمجازاة وأنت خبير بما في كل من هذه الوجوه من الضعف.
قوله تعالى: " حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون " الحدب بفتحتين الارتفاع من الأرض بين الانخفاض، والنسول الخروج بإسراع ومنه نسلان الذئب والسياق يقتضى أن يكون قوله: حتى إذا فتحت " الخ. غاية.
للتفصيل المذكور في قوله: " فمن يعمل من الصالحات " إلى آخر الآيتين، وأن يكون ضمير الجمع راجعا إلى يأجوج ومأجوج.
والمعنى: لا يزال الامر يجرى هذا المجرى نكتب الأعمال الصالحة للمؤمنين ونشكر سعيهم ونهلك القرى الظالمة ونحرم رجوعهم بعد الهلاك إلى الزمان الذي يفتح فيه يأجوج ومأجوج أي سدهم أو طريقهم المسدود وهم أي يأجوج ومأجوج يخرجون إلى سائر الناس من ارتفاعات الأرض مسرعين نحوهم وهو من أشراط الساعة وأمارات القيامة كما يشير إليه بقوله: " فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا " الكهف: 99 وقد استوفينا الكلام في معنى يأجوج ومأجوج والسد المضروب دونهم في تفسير سورة الكهف.
وقيل: ضمير الجمع للناس والمراد خروجهم من قبورهم إلى أرض المحشر.
وفيه أن سياق ما قبل الجملة " حتى إذا فتحت " إلخ. وما بعدها " واقترب الوعد الحق " لا يناسب هذا المعنى، وكذا نفس الجملة من جهة كونها حالا. على أن النسول من كل حدب - وقد اشتملت عليه الجملة - لا يصدق على الخروج من القبور
(٣٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 ... » »»
الفهرست