على أن التعبير في قوله: " وأنا ربكم بالرب دون الآلة يبقى على ما ذكروه بلا وجه بخلاف أخذ الأمة بمعنى الجماعة فإن المعنى عليه إنكم نوع واحد وأنا المالك المدبر لامركم فاعبدوني لتكونوا متخذين لي إلها.
وفي الآية وجوه كثيرة أخر ذكروها لكنها جميعا بعيدة من السياق تركنا إيرادها من أراد الوقوف عليها فليراجع المطولات.
قوله تعالى: " فتقطعوا أمرهم بينهم كل إلينا راجعون " التقطع على ما قال في مجمع البيان بمعنى التقطيع وهو التفريق، وقيل: هو بمعناه المتبادر وهو التفرق والاختلاف و " أمرهم " منصوب بنزع الخافض، والتقدير فتقطعوا في أمرهم وقيل " تقطعوا " مضمن معنى الجعل ولذا عدي إلى المفعول بنفسه.
وكيف كان فقوله: " فتقطعوا أمرهم بينهم " استعارة بالكناية والمراد به أنهم جعلوا هذا الامر الواحد وهو دين التوحيد المندوب إليه من طريق النبوة وهو أمر وحداني قطعا متقطعة وزعوه فيما بينهم أخذ كل منهم شيئا منه وتر شيئا كالوثنيين واليهود والنصارى والمجوس والصابئين على اختلاف طوائفهم وهذا نوع تقريع للناس وذم لاختلافهم في الدين وتركهم الامر الإلهي أن يعبدوه وحده.
وقوله: " كل إلينا راجعون " فيه بيان أن اختلافهم في أمر الدين لا يترك سدى لا أثر له بل هؤلاء راجعون إلى الله جميعا وهم مجزيون حسب ما اختلفوا كما يلوح إليه التفصيل المذكور في قوله بعد: " فمن يعمل من الصالحات " الخ.
والفصل في جملة: " كل إلينا راجعون " لكونها في معنى الجواب عن سؤال مقدر كأنه قيل: فإلى م ينتهى اختلافهم في أمر الدين وما ذا ينتج فقيل: كل إلينا راجعون فنجازيهم كما علموا.
قوله تعالى: " فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون " تفصيل لحال المختلفين بحسب الجزاء الأخروي وسيأتي ما في معنى تفصيل جزائهم في الدنيا من قوله: " ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ".