الخطاب يشمل الناس جميعا من مؤمن وكافر وذكر وأنثى وحاضر وغائب وموجود بالفعل ومن سيوجد منهم، وذلك بجعل بعضهم من الحاضرين وصلة إلى خطاب الكل لاتحاد الجميع بالنوع.
وهو أمر الناس أن يتقوا ربهم فيتقيه الكافر بالايمان والمؤمن بالتجنب عن مخالفة أوامره ونواهيه في الفروع، وقد علل الامر بعظم زلزلة الساعة فهو دعوة من طريق الانذار.
وإضافة الزلزلة إلى الساعة لكونها من أشراطها وأماراتها، وقيل: المراد بزلزلة الساعة شدتها وهو لها، ولا يخلو من بعد من جهة اللفظ.
قوله تعالى: " يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت الذهول الذهاب عن الشئ مع دهشة، والحمل بالفتح الثقل المحمول في الباطن كالولد في البطن وبالكسر الثقل المحمول في الظاهر كحمل بعير قاله الراغب. وقال في مجمع البيان: الحمل بفتح الحاء ما كان في بطن أو على رأس شجرة، والحمل بكسر الحاء ما كان على ظهر أو على رأس.
قال في الكشاف: إن قيل: لم قيل: " مرضعة " دون مرضع؟ قلت: المرضعة التي هي في حال الارضاع ملقمة ثديها الصبي، والمرضع التي شأنها أن ترضع وإن لم تباشر الارضاع في حال وصفها به فقيل: مرضعة ليدل على أن ذلك الهول إذا فوجئت به هذه وقد ألقمت الرضيع ثديها نزعته عن فيه لما يلحقها من الدهشة.
وقال: فإن قلت: لم قيل أولا: ترون ثم قيل: ترى على الافراد؟ قلت: لان الرؤية أولا علقت بالزلزلة فجعل الناس جميعا رائين لها، وهي معلقة أخيرا بكون الناس على حال السكر فلا بد أن يجعل كل واحد منهم رائيا لسائرهم. انتهى.
وقوله: " وترى الناس سكارى وما هم بسكارى " نفي السكر بعد إثباته للدلالة على أن سكرهم وهو ذهاب العقول وسقوطها في مهبط الدهشة والبهت ليس معلولا للخمر بل شدة عذاب الله هي التي أوقعتها فيما وقعت وقد قال تعالى: " إن أخذه أليم شديد " هود: 102.
وظاهر الآية أن هذه الزلزلة قبل النفخة الأولى التي يخبر تعالى عنها بقوله: " ونفخ في الصور فصعق من في السماوات والأرض إلي من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم