تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٣٣٣
الضمير في " قال " للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والآية حكاية قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن دعوتهم إلى الحق وردهم له وتوليهم عنه فكأنه صلى الله عليه وآله وسلم لما دعاهم وبلغ إليهم ما أمر بتبليغه فأنكروا وشددوا فيه أعرض عنهم إلى ربه منيبا إليه وقال: " رب أحكم بالحق " وتقييد الحكم بالحق توضيحي لا احترازي فإن حكمه تعالى لا يكون إلا حقا فكأنه قيل:
رب احكم بحكمك الحق والمراد ظهور الحق لمن كان وعلى من كان. ثم التفت صلى الله عليه وآله وسلم إليهم وقال: وربنا الرحمان المستعان على ما تصفون " وكأنه يشير به إلى سبب إعراضه عنهم ورجوعه إلى الله سبحانه وسؤاله أن يحكم بالحق فهو سبحانه ربه وربهم جميعا فله أن يحكم بين مربوبيه، وهو كثير الرحمة لا يخيب سائله المنيب إليه، وهو الذي يحكم لا معقب لحكمه وهو الذي يحق الحق ويبطل الباطل بكلماته فهو صلى الله عليه وآله وسلم في كلمته: " رب أحكم بالحق " راجع الذي هو ربه وربهم وسأله برحمته أن يحكم بالحق واستعان به على ما يصفونه من الباطل وهو نعتهم دينهم بما ليس فيه وطعنهم في الدين الحق بما هو برئ من ذلك. وقد ظهر بما تقدم بعض ما في مفردات الآية الكريمة من النكات كالالتفات من الخطاب إلى الغيبة في " قال " والتعبير عنه تعالى أولا بربي وثانيا بربنا وتوصيفه بالرحمان والمستعان إلى غير ذلك. (بحث روائي) وفي المجمع في قوله تعالى: " وحرام على قرية أهلكناها " الآية روى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: كل قرية أهلكها الله بعذاب فإنهم لا يرجعون.
وفي تفسير القمي في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما نزلت هذه الآية يعنى قوله: " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم " وجد منها أهل مكة وجدا شديدا فدخل عليهم عبد الله بن الزبعرى وكفار قريش يخوضون في هذه الآية، فقال ابن الزبعرى: أمحمد تكلم بهذه الآية؟ فقالوا: نعم قال ابن الزبعرى: لئن اعترف بها لأخصمنه فجمع بينهما.
(٣٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 ... » »»
الفهرست