المشير إلى تفصيل حال المختلفين في أمر الدين من حيث الجزاء الأخروي وتكون هذه الآية مشيرة إلى تفصيلها من حيث الجزاء الدنيوي ويكون المحصل أنا أمرناهم بدين واحد لكنهم تقطعوا واختلفوا فاختلف مجازاتنا لهم أما في الآخرة فللمؤمنين سعي مشكور وعمل مكتوب وللكافرين خلاف ذلك، وأما في الدنيا فللصالحين وراثة الأرض بخلاف غيرهم.
قوله تعالى: " إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين " البلاغ هو الكفاية، وأيضا ما به بلوغ البغية، وأيضا نفس البلوغ، ومعنى الآية مستقيم على كل من المعاني الثلاثة، والإشارة بهذا إلى ما بين في السورة من المعارف.
والمعنى: أن فيما بيناه في السورة - أن الرب واحد لا رب غيره يجب أن يعبد من طريق النبوة ويستعد بذلك ليوم الحساب، وأن جزاء المؤمنين كذا وكذا وجزاء الكافرين كيت وكيت - كفاية لقوم عابدين إن أخذوه وعملوا به كفاهم وبلغوا بذلك بغيتهم.
قوله تعالى: " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " أي أنك رحمة مرسلة إلى الجماعات البشرية كلهم - والدليل عليه الجمع المحلى باللام - وذلك مقتضى عموم الرسالة.
وهو صلى الله عليه وآله وسلم رحمة لأهل الدنيا من جهة إتيانه بدين في الاخذ به سعادة أهل الدنيا في دنياهم وأخراهم.
وهو صلى الله عليه وآله وسلم رحمة لأهل الدنيا من حيث الآثار الحسنة التي سرت من قيامه بالدعوة الحقة في مجتمعاتهم مما يظهر ظهورا بالغا بقياس الحياة العامة البشرية اليوم إلى ما قبل بعثته صلى الله عليه وآله وسلم وتطبيق إحدى الحياتين على الأخرى.
قوله تعالى: " قل إنما يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون " أي إن الذي يوحى إلى من الدين ليس إلا التوحيد وما يتفرع عليه وينحل إليه سواء كان عقيدة أو حكما والدليل على هذا الذي ذكرنا ورود الحصر على الحصر وظهوره في الحصر الحقيقي.
قوله تعالى " فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء الايذان - كما قيل - إفعال من الاذن وهو العلم بالإجازة في شئ وترخيصه ثم تجوز به عن مطلق العلم واشتق منه