تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٣٣٠
الزبور بعد الذكر على هذا القول بعدية رتبية لا زمانية وقيل: هو اللوح المحفوظ وهو كما ترى.
وقوله: " أن الأرض يرثها عبادي الصالحون الوراثة والارث على ما ذكره الراغب انتقال قنية إليك من غير معاملة.
والمراد من وراثة الأرض انتقال التسلط على منافعها إليهم واستقرار بركات الحياة بها فيهم، وهذه البركات أما دنيوية راجعة إلى الحياة الدنيا كالتمتع الصالح بأمتعتها وزيناتها فيكون مؤدي الآية أن الأرض ستتطهر من الشرك والمعصية ويسكنها مجتمع بشري صالح يعبدون الله ولا يشركون به شيئا كما يشير إليه قوله تعالى: " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض - إلى قوله - يعبدونني لا يشركون بي شيئا: النور: 55.
وإما أخروية وهى مقامات القرب التي اكتسبوها في حياتهم الدنيا فإنها من بركات الحياة الأرضية وهي نعيم الآخرة كما يشير إليه قوله تعالى حكاية عن أهل الجنة: " وقالوا الحمد لله الذي أورثنا الأرض نتبوء من الجنة حيث نشاء الزمر: 74، وقوله: " أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس " المؤمنون: 11.
ومن هنا يظهر أن الآية مطلقة ولا موجب لتخصيصها بإحدى الوراثتين كما فعلوه فهم بين من يخصها بالوراثة الأخروية تمسكا بما يناسبها من الآيات، وربما استدلوا لتعينه بأن الآية السابقة تذكر الإعادة ولا أرض بعد الإعادة حتى يرثها الصالحون، ويرده أن كون الآية معطوفة على سابقتها غير متعين فمن الممكن أن تكون معطوفة على قوله السابق: " فمن يعمل من الصالحات " كما سنشير إليه.
وبين من يخصها بالوراثة الدنيوية ويحملها على زمان ظهور الاسلام أو ظهور المهدي عليه السلام الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الأخبار المتواترة المروية من طرق الفريقين، و يتمسك لذلك بالآيات المناسبة له التي أومأنا إلى بعضها.
وبالجملة الآية مطلقه تعم الوراثتين جميعا غير أن الذي تقتضيه الاعتبار بالسياق أن تكون معطوفة على قوله السابق فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن الخ.
(٣٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 ... » »»
الفهرست