فقال: يا محمد أرأيت الآية التي قرأت آنفا فينا وفي آلهتنا خاصة أم الأمم وآلهتهم؟ فقال: بل فيكم وفي آلهتكم وفي الأمم وفي آلهتهم إلا من استثنى الله فقال ابن الزبعرى: خصمتك والله ألست تثني على عيسى خيرا؟ وقد عرفت أن النصارى يعبدون عيسى وأمه وأن طائفة من الناس يعبدون الملائكة أفليس هؤلاء مع الالهة في النار فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا فضجت قريش وضحكوا قالت قريش: خصمك ابن الزبعرى. فقال رسول الله: قلتم الباطل أما قلت: إلا من استثنى الله وهو قوله تعالى: " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون ".
أقول وقد روي الحديث أيضا من طرق أهل السنة لكن المتن في هذا الطريق أمتن مما ورد من طريقهم وأسلم وهو ما عن ابن عباس قال: لما نزلت: " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون " شق ذلك على أهل مكة وقالوا شتم الالهة فقال ابن الزبعرى: أنا أخصم لكم محمدا ادعوه لي فدعي فقال: يا محمد هذا شئ لآلهتنا خاصة أم لكل من عبد من دون الله؟ قال: بل لكل من عبد من دون الله فقال ابن الزبعرى: خصمت ورب هذه البنية يعنى الكعبة. ألست تزعم يا محمد أن عيسى عبد صالح وأن عزير عبد صالح وأن الملائكة صالحون؟ قال: بلى قال: فهذه النصارى تعبد عيسى وهذه اليهود تعبد عزيرا وهذه بنو مليح تعبد الملائكة فضج أهل مكة وفرحوا.
فنزلت: " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى - عزير وعيسى والملائكة - أولئك عنها مبعدون: " ونزلت " ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون ".
وفي هذا المتن أولا: ذكر اسم عزير والواقعة في أوائل البعثة بمكة ولم يذكر اسمه في شئ من السور المكية وإنما ذكر في سورة التوبة وهي من أواخر ما نزلت بالمدينة.
وثانيا: قوله: " وهذه اليهود تعبد عزيرا " واليهود لا تعبد عزيرا وإنما قالوا عزير ابن الله تشريفا كما قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه.
وثالثا: ما اشتمل عليه من نزول قوله: " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون " بعد اعتراف النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعموم قوله: " إنكم وما تعبدون " لكل