وقوله: " ان الظالمين لهم عذاب اليم " من تمام كلام إبليس على ما يعطيه السياق يسجل عليهم العذاب الأليم لانهم ظالمون ظلما لا يرجع الا إلى أنفسهم.
و ظاهر السياق ان قوله ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي كناية عن انتفاء الرابطة بينه وبين تابعيه كما يشير تعالى إليه في مواضع أخرى بمثل قوله: " لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون " الانعام: 94 وقوله: " فزيلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم ايانا تعبدون " يونس: 28.
وذلك لظهور انه لو لم يكن كناية لكان قوله وما أنتم بمصرخي مستدركا مستغنى عنه لعدم تعلق غرض به فلا هم يتوهمون انهم قادرون على اغاثة إبليس والشفاعة له ولا هو يتوهم ذلك ولا المقام يوهم ذلك فهو يقول لا تلوموني ولوموا أنفسكم لان الرابطة مقطوعة بيني وبينكم لا ينفعكم انى كنت متبوعكم ولا ينفعني انكم كنتم اتباعى إني تبرأت من شرككم فلست بشريك له تعالى وانما تبرأت لأنكم ظالمون في أنفسكم والظالمون لهم عذاب اليم لا مسوغ يومئذ للحماية عنهم والتقرب منهم.
وهذا السياق كما ترى يشهد ان تابعي إبليس يلومونه يوم القيامة على ما أصابهم من المصيبة على اتباعه متوقعين منه ان يشاركهم في مصابهم بنحو وهو يرد عليهم ذلك بأنه لا رابط بينه وبينهم فلا يلحق لومهم إلا بأنفسهم ولا يسعه أن يماسهم ويقترب منهم لأنه يخاف العذاب الأليم الذي هئ للظالمين وهم ظالمون فهو قريب المعنى من قوله تعالى: " كمثل الشيطان إذ قال للانسان أكفر فلما كفر قال انى برئ منك انى أخاف الله رب العالمين " الحشر: 16.
ولعله من هنا قال بعضهم ان المراد بقوله انى كفرت الخ كفره في الدنيا على أن يكون من قبل متعلقا بقوله كفرت فقط أو به وبقوله أشركتمون على سبيل التنازع.
وبالجملة المطلوب العمدة في الآية إن الانسان هو المسؤول عن عمله لان السلطان له لا لغيره فلا يلومن الا نفسه واما رابطة التابعية والمتبوعية فهى وهمية لا حقيقة لها وسيظهر هذه الحقيقة يوم القيامة عندما يتبرء منه الشيطان ويعيد لائمته إلى نفسه كما