تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٥٠
بين في الآية السابقة إن الرابطة بين الضعفاء والمستكبرين وهمية لا تغنى عنهم شيئا عندما تقع إليها الحاجة يوم القيامة حين انكشاف الحقائق.
وللمفسرين في فقرات الآية أقوال شتى مختلفة اغمضنا عن ايرادها ومن أراد الاطلاع عليها فليراجع مطولات التفاسير.
وفي الآية دلالة واضحة على أن للانسان سلطانا على عمله هو الذي يوجب ارتباط الجزاء به ويسلبه عن غيره وهو الذي يعيد اللائمة إليه لا إلى غيره واما كونه مستقلا بهذا السلطان فلا دلالة فيها على ذلك البتة وقد تكلمنا في ذلك في الجزء الأول من الكتاب في ذيل قوله: " وما يضل به إلا الفاسقين " البقرة: 26.
قوله تعالى: " وادخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات " الخ بيان ما ينتهى إليه حال السعداء من المؤمنين وفي قوله تحيتهم فيها سلام مقابلة حالهم من انعكاس السلام والتحية المباركة من بعضهم إلى بعض مع حال غيرهم المذكورين في الآيتين السابقتين من الخصام وتجبيه بعضهم بعضا بالكفر والتبري والاياس.
قوله تعالى: " ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتى اكلها كل حين بإذن ربها " ذكروا ان كلمة بدل اشتمال من مثلا وكشجرة صفة بعد صفة لقوله كلمة أو خبر مبتدأ محذوف والتقدير هي كشجرة وقيل إن كلمة مفعول أول متأخر لضرب ومثلا مفعوله الثاني قدم لدفع محذور الفصل بين كلمة وصفتها وهى كشجرة والتقدير ضرب الله كلمة طيبة كشجرة طيبة الخ مثلا وقيل ضرب متعد لواحد وكلمة منصوب بفعل مقدر كجعل واتخذ والتقدير ضرب الله مثلا جعل كلمة طيبة كشجرة طيبة الخ وأظن أن هذا أحسن الوجوه لو وجه بكون كلمة طيبة الخ عطف بيان لقوله ضرب الله مثلا من بيان الجملة للجملة ويتعين حينئذ نصب كلمة بمقدر هو جعل أو اتخذ لان المدلول انه مثل الكلمة بالشجرة وشبهها بها وهو معنى قولنا اتخذ كلمة طيبة كشجرة الخ.
وقوله أصلها ثابت أي مرتكز في الأرض ضارب بعروقه فيها وقوله وفرعها في السماء أي ما يتفرع على ذلك الأصل من أغصانها في جهة العلو فكل ما
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»
الفهرست